إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أنهم غير معترفين ، بوجود الإعادة أصلا؟!
قلت : لمّا كانت الإعادة ، ظاهرة الوجود لظهور برهانها ، وهو القدرة على إعدام الخلق ، والإعادة أهون بالنسبة إلينا ، لزمهم الاعتراف بها ، فكأنهم مسلّمون وجودها (*) ، من حيث ظهور الحجّة ووضوحها.
١٠ ـ قوله تعالى : (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) [يونس:٤٦].
رتّب شهادته على فعلهم ، على رجوعهم إليه في القيامة ، مع أنه شهيد عليهم في الدنيا أيضا ، لأنّ المراد بما ذكر نتيجته ، وهو العذاب والجزاء ، كأنه قال : ثمّ الله معاقب ، أو مجاز على ما يفعلون.
١١ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ..) [يونس : ٥٠] الآية.
إن قلت : لم قال : (بَياتاً) ولم يقل : ليلا ، مع أنه أكثر استعمالا ، وأظهر مطابقة مع النّهار؟
قلت : لأنّ المعهود في الاستعمال ، عند ذكر الإهلاك والتهديد ، ذكر البيات ، وإن قرن به النّهار.
١٢ ـ قوله تعالى : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ..) [يونس : ٥٥] الآية.
قاله هنا بلفظ : (ما) ولم يكرّره ، وقاله بعد بلفظ (مَنْ.)
وكرره ، لأنّ" ما" لغير العقلاء ، وهو في الأول : المال ، المأخوذ من قوله تعالى : (لَافْتَدَتْ بِهِ ،) ولم يكرّر (ما) اكتفاء بقوله قبله : (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) [يونس : ٥٤].
و" من" للعقلاء ، وهم في الثاني قوم آذوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فنزل فيهم : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) وكرّر (" مَنْ") لأن المراد من في الأرض ، وهم القوم المذكورون ، وإنما قدّم عليهم (مَنْ فِي السَّماواتِ) لعلوّها ، ولموافقة سائر الآيات ، سوى ما قدّمته في آل عمران ، وذكر قوله بعد : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) بلفظ" ما" وكرّر
__________________
(*) لعل الصواب : مسلّمون بوجودها.