إن قلت : ما فائدة قوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) بعد قوله : (يَبْغُونَ) مع أن البغي ـ وهو الفساد من قولهم : بغى الجرح أي فسد ـ لا يكون إلّا بغير حقّ؟
قلت : قد يكون الفساد بحقّ ، كاستيلاء المسلمين على أرض الكفار ، وهدم دورهم ، وإحراق زرعهم ، وقطع أشجارهم ، كما فعل النبي صلىاللهعليهوسلم ببني قريظة.
٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ ..) [يونس : ٢٤] الآية.
إن قلت : لم شبّه الحياة الدنيا بماء السّماء ، دون ماء الأرض؟
قلت : لأنّ ماء السّماء ـ وهو المطر ـ لا تأثير لكسب العبد فيه ، بزيادة أو نقص ، أو لأنّه يستوي فيه جميع الخلائق ، بخلاف ماء الأرض فيهما ، فكان تشبيه الحياة به أنسب.
٨ ـ قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) إلى قوله : (فَسَيَقُولُونَ اللهُ) [يونس : ٣١].
إن قلت : هذا يدلّ على أنهم معترفون بأنّ الله هو الخالق ، الرازق ، المدبّر ، فكيف عبدوا الأصنام؟!
قلت : كلّهم كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام ، عبادة الله تعالى ، والتقرّب إليه ، لكن بطرق مختلفة.
ففرقة قالت : ليست لنا أهليّة لعبادة الله تعالى ، بلا واسطة لعظمته ، فعبدناها لتقرّبنا إليه تعالى ، كما قال حكاية عنهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣].
وفرقة قالت : الملائكة ذوو جاه ومترلة عند الله ، فاتّخذنا أصناما على هيئة الملائكة ، ليقرّبونا إلى الله.
وفرقة قالت : جعلنا الأصنام قبلة لنا في عبادة الله تعالى ، كما أنّ الكعبة قبلة في عبادته.
وفرقة اعتقدت أنّ على كل صنم شيطانا ، موكّلا بأمر الله ، فمن عبد الصّنم حقّ عبادته ، قضى الشيطان حوائجه بأمر الله ، وإلّا أصابه الشيطان بنكبة بأمر الله.
٩ ـ قوله تعالى : (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ..) [يونس : ٣٤] الآية.