ذكر قصص الأنبياء ، فاسمعها وتدبّرها ، واستعمل النظر فيها ببصيرتك ، ومعناه في الكهف أنه تعالى له غيب السموات والأرض ، فاجعل بصيرتك في الفكر في مخلوقاته ، وتدبّرها بحيث تصل إلى معرفته ، واسمع لصفاته وحده ، فناسب تقدم السمع هنا ، والبصر ثمّ.
١٣ ـ قوله تعالى : (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) [مريم : ٤٧].
إن قلت : الاستغفار للكافر حرام ، فكيف وعد إبراهيم عليهالسلام أباه ، بالاستغفار له مع أنه كافر؟
قلت : معناه سأسأل الله لك توبة ، تنال بها مغفرته يعني الإسلام ، والاستغفار للكافر بهذا الوجه جائز ، كأن يقول : اللهم وفّقه للإسلام ، أو تب عليه واهده.
أو أنه وعده ذلك قبل تحريم الاستغفار للكافر.
١٤ ـ قوله تعالى : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ ..) [مريم : ٥٢].
أي الذي : يلي يمين موسى ، حين أقبل من مدين.
١٥ ـ قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) [مريم : ٥٣].
إن قلت : هارون كان أكبر من موسى ، فما معنى هبته له؟.
قلت : معناه أن الله تعالى أنعم على موسى عليهالسلام ، بإجابته دعوته فيه ، حيث قال : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي) [طه : ٢٩ ، ٣٠] الآية ، فمعنى هبته له ، جعله عضدا له وناصرا ومعينا.
١٦ ـ قوله تعالى (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) [مريم : ٦٠].
قاله هنا : وقال في الفرقان (وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) لأنه تعالى أوجز هنا في ذكر المعاصي ، فأوجز في التوبة ، وأطال ثمّ فأطال.
١٧ ـ قوله تعالى : (لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) [مريم : ٩٤].
إن قلت : ما فائدة ذكر العدّ بعد الإحصاء ، مع أن الإحصاء هو العدّ أو الحصر ، والحصر لا يكون إلا بعد معرفة العدد؟