٨ ـ قوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص : ٤٤].
إن قلت : كيف وصف الله تعالى أيوب عليهالسلام بالصبر ، مع أن الصبر ترك الشكوى من ألم البلوى ، وهو قد شكا بقوله : (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [ص : ٤١] وقوله : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) [الأنبياء : ٨٣]؟
قلت : الشكوى إلى الله تعالى لا ينافي الصبر ، ولا تسمّى جزعا لما فيها من الجهاد والخضوع والعبودية لله تعالى ، والافتقار إليه ، ويؤيده قول يعقوب عليهالسلام : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [يوسف : ٨٦] مع قوله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) وقولهم : الصبر ترك الشكوى أي إلى العباد ، أو أنه عليهالسلام طلب الشفاء من الله تعالى ، بعد ما لم يبق منه إلا قلبه ولسانه ، خيفة على قومه أن يفتنهم الشيطان ، ويوسوس إليهم أنه لو كان نبيّا لما ابتلي بما هو فيه ، ولكشف الله ضرّه إذا دعاه.
٩ ـ قوله تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) [ص : ٧٨].
إن قلت : هذا يدلّ على أنّ غاية لعنة الله تعالى لإبليس إلى يوم القيامة قد تنقطع؟
قلت : كيف تنقطع وقد قال تعالى : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [الأعراف : ٤٤] وإبليس أظلم الظّلمة ، والمراد أن عليه اللعنة طول مدّة الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة ، اقترن له باللعنة من أنواع العذاب ، ما ينسى معه اللعنة ، فكأنها انقطعت.
" تمت سورة ص"