العزم على الأول أوكد منه على الثاني ، وما هنا من القبيل الأول ، فكان أنسب بالتوكيد ، وما في لقمان من القبيل الثاني فكان أنسب بعدمه.
٥ ـ قوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) [الشورى : ٤٩].
فإن قلت : لم قدّم الإناث مع أنّ جهتهنّ التأخير ، ولم عرّف الذكور دونهنّ؟
قلت : لأن الآية سيقت لبيان عظمة ملكه ومشيئته ، وأنه فاعل ما يشاء ، لا ما يشاؤه عبيده كما قال : (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [القصص : ٦٨].
ولما كان الإناث ممّا لا يختاره العباد ، قدّمهنّ في الذّكر ، لبيان نفوذ إرادته ومشيئته ، وانفراده بالأمر ، ونكّرهنّ وعرّف الذكور لانحطاط رتبتهنّ ، لئلا يظنّ أن التقديم كان لأحقيتهنّ به ، ثم أعطى كل جنس حقّه من التقديم والتأخير ، ليعلم أن تقديمهنّ لم يكن لتقدمهنّ ، بل لمقتضى ، فقال : (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) كما قال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) [الحجرات : ١٣].
٦ ـ قوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) [الشورى : ٥٢].
المراد بالإيمان هنا : " شرائع الإسلام" وأحكامه كالصلاة والصوم ، وإلا فالأنبياء مؤمنون بالله ، قبل أن يوحى إليهم بأدلة عقولهم.
وقيل : المراد بالإيمان : الكلمة التي بها دعوة الإيمان والتوحيد ، وهي" لا إله إلا الله محمد رسول الله" والإيمان بهذا التفسير إنما علمه بالوحي لا بالعقل.
" تمت سورة الشورى"