قلت : فائدته التنبيه علي إرادة الذّكر ، وزيادة فائدة أخرى في الثاني وهي : (كَما هَداكُمْ) بمعنى اذكروه بتوحيده كما ذكركم بهدايته. أو الإشارة بالأول إلى الذكر باللفظ ، وبالثاني إلى الذكر بالقلب.
٩٠ ـ قوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ.)
إن قلت : كيف عطف الإفاضة ، مع أنها الإفاضة من عرفات؟
قلت : ثمّ للترتيب الإخباري لا الزماني.
أو المراد بالإفاضة الثانية : الإفاضة من مزدلفة إلى منى ، لا من عرفات.
٩١ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ.)
إن قلت : ما فائدة قوله فيها : (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) مع أنه معلوم بالأولى ممّا قبله؟
قلت : فائدته رفع ما كان عليه الجاهلية من أن بعضهم قائل بإثم المتعجل ، وبعضهم بإثم التأخر. أو المعنى : لا إثم على المتأخر في ترك الأخذ بالرخصة ، مع أن الله يحبّ أن تؤتى رخصه كما يحبّ أن تؤتى عزائمه.
فإن قلت : التعجيل في اليوم الثاني ، لا فيه وفي اليوم الأول ، فكيف قال : (فِي يَوْمَيْنِ)؟
قلت : المعنى في مجموع اليومين الصادق بأحدهما وهو الثاني ، كما في قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢] وهما لا يخرجان إلا من الملح لا من العذاب.
٩٢ ـ قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ.)
قال ذلك هنا ، وقال في آل عمران : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) الآية.
وفي التوبة : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) الآية.
غاير بما ذكر في الثالثة ، لأن الخطاب في الأولى للنبي والمؤمنين ، وفي الثانية للمجاهدين ، وفي الثالثة للمؤمنين.
٩٣ ـ قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ.)