" الخزاية" وهي النّكال والفضيحة ، وكلّ من يدخل النار يذلّ ، وليس كلّ من يدخلها ينكّل به.
فالمراد بالخزي في الأول : الخلود وفي الثاني تحلّة القسم. أو التطهير بقدر ذنوب الداخل.
٥٣ ـ قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) [آل عمران : ١٩٣].
إن قلت : المسموع النّداء لا المنادي.
قلت : لما قال : (مُنادِياً يُنادِي) صار معناه : نداء مناد ، كما يقال سمعت زيدا يقول كذا ، أي سمعت قوله ، فمناديا مفعول سمع ، و (يُنادِي) حال دالّة على محذوف مضاف لمفعول.
٥٤ ـ قوله تعالى : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) [آل عمران : ١٩٣]
فإن قلت : كيف قال الثاني مع أنه معلوم من الأول؟
قلت : المعنى مختلف ، لأن الغفران مجرّد فضل ، والتكفير محو السيئات بالحسنات.
٥٥ ـ قوله تعالى : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) [آل عمران : ١٩٤] أي : على ألسنتهم.
فإن قلت : ما فائدة الدّعاء ، مع علمهم أن الله لا يخلف الميعاد؟
قلت : فائدته العبادة ، لأن الدّعاء عبادة ، مع أن الوعد من الله للمؤمنين عام ، يجوز أن يراد به الخصوص ، فسألوا الله أن يجعلهم ممن أرادهم بالوعد.
٥٦ ـ قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) [آل عمران : ١٩٦].
النّهي في اللفظ" للتقلّب" وفي الحقيقة" للنبي" والمراد أمته.
والقصد بذلك النّهى عن الاغترار بالتقلّب ، ففي ذكر الغرور تنزيل السبب منزلة المسبب ، والمنع عن السبب وهو غرور تقلّبهم له ـ منع للمسبّب وهو الاغترار بتقلبهم.
والمراد بتقلبهم : تصرفهم في التجارات ، والأموال ، والانتقال بها في البلاد