الأرض" (١) وقول يوسف عليهالسلام : (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [يوسف : ٥٥]؟
قلت : إنما قال النبيّ ما قاله حين قال المنافقون" اعدل في القسمة" تكذيبا لهم ، حيث وصفوه بخلاف ما كان عليه من العدل والأمانة. وإنما قال" يوسف" ما قاله ، ليتوصّل إلى ما هو وظيفة الأنبياء ، وهو إقامة العدل ، وبسط الحقّ ولأنه علم أنه لا أحد في زمنه أقوم منه بذلك العمل ، متعيّنا عليه.
٢٦ ـ قوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) [النساء : ٥٦].
أي : بأن تعاد إلى حالها الأول غير منضجة أي : متحرّقة ، فالمراد : تبدّل الصفة لا الذّات ، كما في قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) [إبراهيم : ٤٨].
٢٧ ـ قوله تعالى : (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) [النساء : ٥٧].
هو عبارة عن المستلذّ المستطيب كقوله تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم : ٦٢] جريا على المتعارف بين الناس ، وإلّا فلا شمس في الجنة طالعة ولا غاربة ، كما أنه لا بكرة فيها ولا عشيّة.
٢٨ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) [النساء : ٦٩] الآية.
إن قلت : هذا مدح لمن يطيع الله والرسول ، وعادة العرب في صفات المدح ، الترقّي من الأدنى إلى الأعلى ، وهذا عكسه؟
قلت : ليس هو من ذاك الباب ، بل المقصود منه الإخبار إجمالا عن كون المطيعين لله ولرسوله ، يكونون يوم القيامة مع الأشراف ، وقد تمّ الكلام عنه قوله : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ثم فصّلهم بذكر الأشرف فالأشرف بقوله : (مِنَ النَّبِيِّينَ) إلى آخره جريا على العادة في تعديد الأشراف. ومثله (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء : ٥٩] وكذلك : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ) [آل عمران : ١٨].
__________________
(١) الحديث أخرجه البخاري ومسلم في قصته طويلة. ولينظر : جامع الأصول ١٠ / ٨٣.