٢٩ ـ قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) [النساء : ٧٦].
إن قلت : كيف وصف فيه كيد الشيطان بالضعف ، وفي قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) [يوسف : ٢٨] وصف كيد النّساء بالعظم ، مع أن كيد الشيطان أعظم؟
قلت : المراد أن كيد الشيطان ضعيف بالنسبة إلى نصرة الله أولياءه ، وكيد النساء عظيم بالنسبة إلى الرجال.
٣٠ ـ قوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) [النساء : ٧٩] الآية. جمع بينه وبين قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [النساء : ٧٨] الواقع ردّا لقول المشركين (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) الآية بأن قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي إيجادا وقوله : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النساء : ٧٩] أي كسبا ، كما في قوله تعالى (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠] وبأن قوله : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) الآية حكاية قول المشركين ، والتقدير : فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا فيقولون : (ما أَصابَكَ) الآية.
٣١ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢] يدلّ بمفهومه على أن في القرآن اختلافا قليلا ، وإلا لما كان للتقييد بوصف الكثرة فائدة ، مع أنه لا اختلاف فيه أصلا ، إذ المراد بالاختلاف فيه : التناقض في معانيه ، والتباين في نظمه.
أجيب بأن التقييد بالكثرة ، للمبالغة في إثبات الملازمة ، أي : لو كان من عند غير الله ، لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ، فضلا عن القليل ، لكنه من عند الله ، فليس فيه اختلاف كثير ولا قليل.
٣٢ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) [النساء : ٨٣].
إن قلت : كيف استثنى القليل ، بتقدير انتفاء الفضل والرحمة ، مع أنه لولاهما لاتّبع الكلّ الشيطان؟
قلت : الاستثناء راجع إلى : (أَذاعُوا بِهِ) أو إلى (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) أو إلى : (لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ) لكن بتقييد الفضل والرحمة بإرسال الرسول ، أي :