لاتبعتم الشيطان في الكفر والضلال ، إلا قليلا منكم كانوا يهتدون بعقولهم ، إلى معرفة الله وتوحيده ، ك" قسّ بن ساعدة" و" ورقة بن نوفل" قبل البعثة ، والخطاب في الآية للمؤمنين.
٣٣ ـ قوله تعالى : (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) [النساء : ٩١] أي دعوا إليها (أُرْكِسُوا فِيها) أي : عادوا إليها ، وقلبوا فيها أقبح قلب.
٣٤ ـ قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) [النساء : ٩٢] الآية.
فإن قلت : (إِلَّا) هنا في قوله : (إِلَّا خَطَأً) ما معناها؟
قلت : (إِلَّا) بمعنى : " ولا" كما في قوله تعالى : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) [النمل : ١٠ ، ١١] وقوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [البقرة : ١٥٠].
٣٥ ـ قوله تعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً) [النساء : ٩٥] الآية.
إن قلت : كيف قال هنا : (دَرَجَةً) وقال في التي بعدها (دَرَجاتٍ؟)
قلت : المراد بالأول : تفضيلهم على القاعدين بعذر ، لأن لهم أجرا لكونهم من الغزاة بالهمّة والقصد ، ولهذا قال : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [النساء : ٩٥] أي : الجنة.
والمراد بالثاني تفضيلهم على القاعدين بلا عذر ، لأنهم مقصّرون ومسيئون ، فكان فضل الغزاة عليهم درجات ، لانتفاء الفضل لهم.
٣٦ ـ قوله تعالى : (قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) [النساء : ٩٧] الآية.
إن قلت : هذا الجواب ليس مطابقا للسؤال ، بل المطابق له : كنّا في كذا ، أو لم نكن في شيء؟
قلت : المراد بالسؤال توبيخهم بأنهم لم يكونوا على الدّين ، حيث قدروا على الهجرة ولم يهاجروا ، فصار قول الملائكة : (فِيمَ كُنْتُمْ) مجازا عن قولهم : لم تركتم الهجرة؟ فقالوا اعتذارا عمّا وبّخوا به : (كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ.)