شبر» (١) وجاء أيضاً : ويجعل كسنام البعير ، وقال الشافعي : جعل التراب مستوياً أفضل من تسنيمه (٢).
فهذا الحديث يؤيد مذهب الشافعي وعليه الشيعة الإمامية أيضاً.
ومن الجدير بالانتباه أنّ مسلم صاحب الصحيح أورد هذا الحديث تحت عنوان «باب الأمر بتسوية القبر» لا تحت عنوان «الأمر بتخريب القبور وهدمها» (٣).
ويؤيد ذلك أنّ مسلم نقل في صحيحه ما يؤيد ما استظهرناه من الحديث المذكور من المعنى. قال ـ بعد ذكر جملة من الرواة ـ : قال ثمامة بن شُفيّ : كنّا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودِسَ فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ثمّ قال : سمعت رسول الله يأمر بتسويتها.
ولا شك أنّ المراد من التسوية ليس جعلها والأرض سواء ، لأنّ ذلك خلاف السنّة القطعية التي تقضي بأن يرتفع القبر عن الأرض بشبر واحد ، فيكون المراد أن يسطح سنامها ، ولهذا جاء في عبارة النووي عند تفسير الحديث المذكور في صحيح مسلم «ولا يُسَنَّم بل يُرفَع نحو شبر ويسطَّح» (٤).
ولم ننفرد نحن بهذا التفسير للحديث بل ذهب إليه ابن حجر القسطلاني في كتابه «إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري» (٥) إذ قال ـ بعد أن ذكر أنّ السنّة هي تسطيح القبر وأنّه لا ينبغي ترك التسطيح مخالفة للشيعة ـ : «لأنّه لم يُرِدْ تسويتَه
__________________
(١). الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٤٢٠.
(٢). المصدر نفسه : ١ / ٤٢٠.
(٣). صحيح مسلم : ٣ / ٦١ ، كتاب الجنائز.
(٤). شرح صحيح مسلم للنووي ٧ / ٣٦.
(٥). إرشاد الساري : ٢ / ٤٦٨.