بالأرض وإنّما أراد تسطيحه جمعاً بين الأخبار».
وأخيراً لم يرد في حديثه صلىاللهعليهوآلهوسلم بل قال : «ولا قبراً إلّا سويته ولا بناءً مبنياً على القبر ولا قبّة إلّا سويتها» ، فإذن المراد ليس إلّا ما ذكرناه من عدم جعل نفس القبر مسنّماً ، وأمّا البناء فوق القبر فليس بمقصود وليس هناك ما يدل من الحديث على عدم جواز البناء على القبور ، بل السيرة العملية للمسلمين على خلافه كما عرفت.
وحتى لو فرضنا أنّ المراد من التسوية هو تخريب القباب والأبنية المقامة على القبور ، فمن المحتمل جدّاً أن يكون المراد هو قبور المشركين المقدّسين ـ آنذاك ـ من قبل الوثنيين وأهل الشرك ، إذ كانت تلك القبور بعد ظهور الإسلام متروكة على حالها ، ويؤيد هذا أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث عليّاً ـ عليه السلام ـ لمحو الصور وهدم التماثيل الموجودة في أطراف المدينة أو غيرها ، وليست هذه التماثيل والصور ، إلّا الأصنام والأوثان التي كانت تعبد حتى بعد ظهور الإسلام.
وعلى هذا فأيّ ارتباط لهذا الحديث بقبور الأنبياء والأولياء والصالحين؟
٢ ـ قال الله الكريم :
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ* رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) (النور : ٣٦ ـ ٣٧).
الاستدلال بهذه الآيات على جواز البناء على القبور يتوقف على أمرين :
١ ـ ما هو المراد من هذه البيوت؟
٢ ـ ما المراد من رفعها؟
أمّا الأمر الأوّل فقد روي عن ابن عباس أنّ المراد بها هي المساجد ؛ تكرّمُ وينهى عن اللغو فيها ، ويذكر فيها اسمه.