(البحث الثالث)
(اليمين)
وفيه آيات :
الاولى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة ـ ٢٢٥).
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) وهو ما يبدو من المرء بلا قصد ولا عقد من القلب عليه ، كقول الرجل لا والله وبلى والله من غير قصد ، وانما المراد به تأكيد الكلام ولا يخطر ببالهم الحلف ، حتى لو قيل لواحد سمعتك تحلف في موضع كذا لأنكر ذلك ولعله قال لا والله ألف مرة ، والى هذا يذهب الشافعي. وقيل هو أن يحلف وهو يرى انه صادق ثم يتبين انه كاذب ، واليه يذهب أبي حنيفة.
وفي أخبارنا ما يدل على الأول ، روى الكليني (١) عن مسعدة بن صدقة عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول في قول الله عزوجل (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) قال : اللغو قول الرجل لا والله وبلى والله ولا يعقد على شيء.
ويمكن الحمل على ما يشتمل الثاني ، فإن أصحابنا لا يرون بذلك اثما. وفي أيمانكم صلة يؤاخذكم أو اللغو ، لأنه مصدر أو حال عنه أو صفته ، بأن يقدر المتعلق معرفا. والمراد نفي المؤاخذة مطلقا في الدنيا بعدم الكفارة وعدم التعزير وفي الآخرة بعدم العقاب. وأوجبت الحنفية الكفارة في الأول دون الثاني ، والشافعية على العكس ، ويمكن رد القولين بما تقدم.
(وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) بما عزمت عليه وقصدته [والمراد ولكن يؤاخذكم بهما أو بأحدهما مما قصدتم من الايمان] وواطأت فيه قلوبكم ألسنتكم
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣٦٩ كتاب الايمان باب اللغو الحديث ١ وهو في المرات ج ٤ ص ٢٤٠ ورواه أيضا في التهذيب ج ٨ ص ٢٨٠ بالرقم ١٠٢٣.