وفيه حذف أي من ايمانكم.
ويدخل في هذا الحلف على الماضي كذبا ، ويسمى «اليمين الغموس» ، [سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار ،] وهو حرام يترتب عليه العقاب في الآخرة ، ولا كفارة فيه عند أصحابنا لأنها انما تجب بالخلف ، وهو انما يكون في صورة الحلف على فعل متوقع في المستقبل راجح أو ترك كذلك ، وشيء من ذلك لا يوجد في الغموس.
[نعم كفارتها الاستغفار ، وخالف الشافعي هنا حيث أوجب فيها الكفارة وحكم بانعقاد اليمين على الماضي عملا بعموم الآيات. ولعله يريد بانعقادها ثبوت حكمها ، بمعنى انه ان كان صادقا فلا كفارة وان كان كاذبا عالما لزمته الكفارة. وفيه نظر.] وفي الآية دلالة على اعتبار القصد في اليمين وعدم العبرة باللفظ لو خلى عنه ، ويلزم من ذلك عدم انعقاد يمين الغافل والساهي والغضبان بما يرفع قصده ونحوه المكره.
(وَاللهُ غَفُورٌ) يغفر الذنوب مع التوبة أو بدونها تفضلا (حَلِيمٌ) يمهل العقوبة ولا يعجل بها ، فإنه إنما يعجل من يخاف الفوت والله لا يفوته شيء.
الثانية : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة ٨٩).
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) قد تقدم معنى عدم المؤاخذة به (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) بما وثقتم الايمان عليه بالقصد والنية ، والمعنى يؤاخذكم إذا حنثتم إذ لا كفّارة بدونه لعدم الموجب ، أو المراد بنكث ما عقدتم فحذف المضاف للعلم به ، وقرئ بالتشديد ، وليس المراد به التكثير حتى يوجب سقوط الكفّارة باليمين الواحدة ، بل معنى التخفيف ، فان عقد مشددا ومخففا بمعنى واحد.
(فَكَفَّارَتُهُ) على الأول كفارة حنثه وعلى الثاني فكفارة نكثه ، والكفارة الفعلة التي من شأنها أن تكفّر الخطيئة أي تسترها ، لا انها مكفرة للخطيئة كما قاله