القاضي ، فإنا لا نسلم أنها مكفرة من دون تفضل منه تعالى. واستدل القاضي بظاهرها على جواز التكفير بالمال قبل الحنث ويجيء إنشاء الله تعالى.
(إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) خبر كفارته ، والمراد بالمسكين من لا يقدر على قوت السنة له ولعياله فعلا أو قوة بالكسب ، وقد تقدم في باب الزكاة (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) من أقصده في النوع كالحنطة المتوسطة بين أفرادها ، ويمكن اعتبار القدر أيضا فإن منهم من يسرف في إطعام أهله ومنهم من يقتر عليهم ، واعتبار الأوسط رخصة فيجزي الأعلى ولا يجزي ما دونه.
واختلف أصحابنا في هذا القدر المعتبر ، فقيل مدان لكل مسكين ، والأكثر على الاكتفاء بالمد الواحد ، والاخبار مختلفة في ذلك ، (١) وحمل ما زاد على المد الواحد منها على الأفضل طريق الجمع بينها. ويجوز أن يجمعهم على ما هذا قدره ليأكلوا.
وفي تعليق الإطعام على العشرة دلالة واضحة على عدم إجزاء الأقل منها وان كان الطعام ما يكفي العشرة ، وهو قول أكثر العلماء. وقال أبو حنيفة يجوز إعطاء مقدار طعام العشرة لواحد عشر مرات نظرا الى ان المقصود من العدد مقدار الطعام لا هو نفسه ويدفعه مخالفة النص ، وكون المقصود ما ذكره غير معلوم بل المعلوم خلافه ، إذ في تعدد الأشخاص مصالح لا توجد في الواحد ، كاستجابة الدعاء وتظافر القلوب ، وجواز كون شخص مستجاب الدعوة من جملتهم فتعم بركته الجميع ، وظاهر أن مثل ذلك لا يوجد في الواحد. نعم لو تعذر العدد ولم يوجد الا واحد فرق عليه في عشرة أيام.
والعشرة وان كانت ظاهرة في الذكور الا أن ذلك على التغليب ، فيجوز اجتماع النساء معهم بالإجماع ، وفي الاخبار دلالة عليه (٢).
وإطلاق الآية يقتضي جواز كونهم صغارا ، الا أن أصحابنا قالوا إذا كانوا كلهم صغارا احتسب كل اثنين منهم بواحد ، ولو اجتمع الصغار والكبار جاز ودفع إليهم
__________________
(١) انظر الوسائل الباب ١٤ من أبواب الكفارات ج ٣ ص ١٩١ ط الأميري.
(٢) انظر الوسائل الباب ١٧ من أبواب الكفارات ج ٣ ص ١٩٢ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٣٤.