للسفر عرضة له. ومعنى الآية على الأول لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير ، فيكون قد أطلق الايمان وأراد الأمور المحلوف عليها ، كقوله صلىاللهعليهوآله «إذا حلفت على يمين» الحديث (١) ، سمي المحلوف عليه يمينا.
وقوله (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) عطف بيان للايمان بالمعنى المذكور ، واللام صلة عرضة لما فيها من معنى الاعراض ، والمعنى لا تجعلوا الله شيئا يعترض الأمور المحلوف عليها التي هي البر والتقوى والإصلاح بين الناس. ويجوز أن يكون للتعليل ، ويتعلق ان بالفعل أو بعرضة ، أي ولا تجعلوا الله عرضة أن تبروا لأجل ايمانكم به.
ومعنى الآية على الثاني ولا تجعلوه معرضا لأيمانكم فتبذلوه بكثرة الحلف به ، ومن ثم ذم تعالى الحلّاف بقوله (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) ، وأن تبروا علة النهي ، أي الغرض من النهي عنه ارادة بركم وتقواكم وإصلاحكم بين الناس ، فان الحلاف مجتر على الله ، والمجتري على الله لا يكون برا تقيا ولا موثوقا به في إصلاح ذات البين.
وكلا الوجهين موافق لما يذهب إليه أصحابنا ، أما الأول فلتظافر الاخبار (٢) عن الأئمة عليهمالسلام ان المحلوف عليه إذا كان مرجوحا وكان غيره خيرا منه فإنه يأتي بذلك الغير ولا اثم عليه ولا كفارة ، وقد نقلنا جانبا من الاخبار ، وخالف هنا العامة فأوجبوا الكفارة في ذلك أيضا. وأما الثاني فلوروده عنهم عليهمالسلام أيضا ، روى أبو أيوب الخزاز (٣) قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ، فإنه عزوجل يقول (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) ونحوها.
__________________
(١) مر مصادر الحديث قبيل ذلك ص ١٦١ من هذا الجزء.
(٢) مر قبيل ذلك ص ١٦٣.
(٣) روى أبو أيوب الخزاز قال سمعت أبا عبد الله يقول : لا تحلفوا بالله صادقين وكاذبين فإنه عزوجل يقول (لا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) التهذيب ج ٨ ص ٢٨٢ بالرقم ١٠٣٣ والفقيه ج ٣ ص ٢٢٩ بالرقم ١٠٧٨ والكافي ج ٢ ص ٣٦٦ باب كراهة اليمين الحديث ١ وهو في المرات ج ٤ ص ٢٣٨ كتاب العتق.