الرجل على شيء والذي حلف عليه إتيانه خير من تركه فليأت الذي هو خير ولا كفارة عليه ، وانما ذلك من خطوات الشيطان. ونحوهما من الاخبار المتظافرة في ذلك (١).
(وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) من الحنث ولا تخالفوها ، والمراد الإيمان التي الحنث فيها معصية كمن حلف ان لا يشرب الخمر ، بخلاف ما لو حلف ليشربن فإنه لا يؤمر بالحفظ عن الحنث لانه اسم جنس فيجوز إطلاقه على البعض. وقيل معناه ضنوا بها ولا تبذلوها لكل أمر ، وهو بعيد عن ظاهر الآية ، ففي الآية دلالة على تحريم الحنث ومخالفة اليمين سواء كفر أم لا.
ومنه يظهر ضعف قول الشافعي بتجويزه هذه الكفارة ، لما تقدم من الخبر وضعفه من جهات ، فلا يخالف به ظاهر الآية ، ولأن اليمين اما ان ينعقد أو لا ينعقد ، فان كان الأول وجب حفظها بظاهر الآية وان كان الثاني فلا كفارة. الا أن يوجه قولهم بأنه مع الكفارة ينحل اليمين كما قاله أصحابنا فيما لو وجد غيره أولى ، وفيه ما فيه.
(كَذلِكَ) مثل ذلك البيان (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) أعلام شرائعه واحكامه ، فمحل الكاف النصب على انه صفة لمصدر محذوف (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة التعليم ، أو سائر نعمه الواجب شكرها ، فان مثل هذا البيان يسهل لكم المخرج ويحصل لكم الخلاص.
الثالثة : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة ـ ٢٢٤).
(وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) نزلت في عبد الله بن رواحة حين حلف ان لا يدخل على ختنه ولا يكلمه ولا يصلح بينه وبين امرأته ، فكان يقول : اني حلفت بهذا فلا يحل لي أن أفعله ، فنزلت.
والعرضة فعلة بمعنى المفعول كالقبضة يطلق لما يعرض دون الشيء فيصير مانعا منه ، ويطلق أيضا على المعرّض للأمر كما يقال المرأة عرضة النكاح والدابة المعدة
__________________
(١) انظر الوسائل الباب ١٨ و ٢٢ و ٢٣ من أبواب كتاب الايمان ج ٣ من ص ٢٢١ الى ٢٢٣ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٥٢.