من التأويل جمعا بين الأدلة.
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) بين هذه الأعداد المباحة لكم (فَواحِدَةً) بالنصب على القراءة المشهورة أي فانكحوا واحدة فإنها لا تحتاج الى التعديل وكثرة المؤنة بخلاف الجمع ، وقرئ بالرفع على انه خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : فحسبكم واحدة.
وفيه دلالة على أن اباحة الأربع من النساء انما هو مع العدل بينهن وعدم الجور في القسمة ، ويستفاد من ذلك المبالغة في العدل ووجوب التحرز عما يوجب عدم العدل حيث حتم الواحدة بمجرد خوف عدم العدل.
(أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من الإماء وان تعددت ، وفي التسوية بين الواحدة من الحرائر وبين الإماء من غير حصر ولا توقيت ولا عدد ، إشارة إلى خفة مؤنتهن وعدم لحوق التبعة من طرفهن فلا عليك أكثرت منهن أم أقللت ، وعدلت بينهن في القسم أم لم تعدل عزلت عنهن أم لم تعزل.
(ذلِكَ) أي التقليل منهن أو اختيار الواحدة أو التسري (أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أقرب من أن لا تميلوا عن الحق ، من قولهم عال الميزان إذا مال وعال الحاكم إذا جار ، ويؤيده (١) ما رواه العامة مرفوعا عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوآله في بيان ان لا تعولوا قال «ان لا تجوروا» وفي رواية أخرى (٢) «أي لا تميلوا».
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٤٦٨ قال ابن حجر في الشاف الكاف المطبوع ذيله أخرجه ابن حبان وإبراهيم الحربي والطبري وابن ابى حاتم وغيرهم من رواية محمد بن زيد عن هشام عن أبيه قال ابن ابى حاتم الصواب موقوف انتهى قلت ومثله في تفسير ابن كثير ج ١ ص ٤٥١ ونقل فيه أيضا عن ابن ابى حاتم قال ابى : هذا خطأ والصحيح عن عائشة موقوف.
(٢) رواه موقوفا عن عدة في تفسير الطبري ج ٤ ص ٢٣٩ ـ ٢٤١ وابن كثير ج ١ ص ٤٥١ والجصاص في ج ٢ ص ٦٧ وفي فقه اللسان ج ٢ ص ٣١٨ ان عول مصدر فرعى مأخوذ من علا والأصلي من معانيه الارتفاع من عال الميزان إذا ارتفع احد طرفيه وأصله علا الميزان ثم نقل الى الميل عن الاعتدال لان الميزان إذا عال عدل عن الاستواء ثم الى الجور لانه ميل عن العدل والحق والمعول معول لانه ترفع به الحجارة.
وفيه أيضا ان العيال عيال لان الرجل يعول إليهم ويميل وان أعال بمعنى كثر عياله وفرعه معنى عال الرجل إذا افتقر لان ذا العيال أكثر فقرا من الذي لا عيال له.