ويحتمل أن يكون المراد ان لا يكثر عيالكم (١) ، من قولهم عال الرجل عياله يعولهم كقولهم مانهم يمونهم إذا أنفق عليهم. ويؤيده قراءة «ان لا تعيلوا» (٢) من عال الرجل إذا كثر عياله ، عبر عن كثرة العيال بكثرة المؤن على الكناية. ولعل المراد بالعيال الأزواج ، إذ مع التعدد يلزم الكثرة ما ليس في الواحدة.
ويحتمل أن يريد الأولاد أيضا ، فان في الواحدة لا يحصل الكثرة بالإضافة الى ما زاد عليها ، وكذا في الإماء فان التسري وان تعدد لكنه في مظنة قلة الولد بالإضافة إلى التزويج حيث انه يجوز العزل فيه كما هو مشهور.
وقد يستفاد من الآية الترغيب في النكاح وعدم تركه بالكلية ، حيث أمر مع عدم العدل بين النساء اما بنكاح الواحدة أو ملك اليمين ، فلا يخلو الحال من النكاح لأنه ان أمكنه العدل بين النساء كان الجمع مباحا له على الوجه المتقدم والا فالواحدة أو ملك اليمين. وقد يستفاد منها أن الخروج عن عهدة الأمر بالنكاح والندب اليه يحصل بملك اليمين أيضا وانه بمثابة العقد في تحصيل الغرض.
وقد ظهر من تضاعيف كلامنا أن الأمر بالنكاح ـ أعنى قوله (فَانْكِحُوا) ـ للإباحة ، قال في مجمع البيان (٣) واستدل بعض الناس على وجوب التزويج بقوله
__________________
(١) هذا المعنى ذكره الشافعي ولم يرتضه أهل الأدب وعابوه به وقد أكثروا الكلام في عيبه والدفاع عنه انظر أحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٦٨ وفتح القدير ج ١ ص ٣٨٦ وتفسير الإمام الرازي ج ٩ من ص ١٧٦ ـ ١٧٩ وقال في الكشاف ان الشافعي أعلى كعبا وأطول باعا في علم كلام العرب من ان يخفى عليه مثل هذا.
لكنه سلك في تفسير الكلمة طريقه الكنايات لان من كثر عياله لزمه ان يعولهم لما يصعب عليه المحافظة على حدود الكسب وحدود الورع وكسب المال والرزق الطيب وما نقلناه خلاصة من بيان الزمخشري ليس بعين لفظه وعندي ما ذكره الزمخشري من أحسن ما تأولوا به قول الشافعي.
(٢) نقله في الكشاف ج ١ ص ٤٦٩ عن ابن طاوس وفي فتح القدير ج ١ ص ٣٨٦ عن طلحة بن مصرف.
(٣) المجمع ج ٢ ص ٧.