وفي إطلاق النساء من غير تقييد بالدخول بهن دلالة واضحة على أن المهر يجب بمجرد العقد ، إذ به تصير المرأة من النساء ، وهو صريح في أنها تملكه بمجرد العقد كما اختاره أكثر الأصحاب ، وهو المشهور فيما بينهم ، لكنه ان دخل بها استقر وان طلقها قبل الدخول رجع عليها بالنصف.
وذهب بعض الأصحاب الى ان العقد انما يوجب من المهر نصفه لا جميعه والنصف الثاني يوجبه الدخول ، وظاهر الآية حجة عليه ، وما استدل به من الاخبار معارض بغيره أو محمول على الاستقرار ، وهو غير الملك جمعا بين الأدلة.
ومقتضى الآية وجوب الدفع بمجرد العقد وان لم تطلبه المرأة ، الا أنه مقيد بالطلب لا مطلقا كسائر الحقوق.
وقد يستدل بظاهرها على ان للمرأة الامتناع من تسليم ، نفسها إذا لم تقبضه والأصحاب متفقون في الجملة على ذلك قبل الدخول إذا كان [الزوج موسرا والمهر] حالا [وكانت الزوجة كاملة صالحة للاستمتاع].
ويؤيده ان النكاح [المشتمل على ذكر المهر] في معنى المعاوضة وان لم يكن محضة ، ومن حكم المعاوضة أن لكل من المتعاقدين المتعاوضين الامتناع من التسليم الى أن يسلم اليه الآخر.
[لكن وهل يجبر الزوج على تسليم المهر ابتداء فإذا سلم هو سلمت نفسها أو لا يجبر واحد منهما لكن إذا بادر أحدهما الى ان يسلم أجر الآخر تسلم ما عنده؟ كل محتمل ، ولا يبعد الأمر بتقابضهما معا بأن يؤمر الزوج بوضع الصداق في يد من يتفقان عليه أو يد عدل وتؤمر هي بالتمكين فإذا مكنت سلم العدل الصداق إليها ، لما في ذلك من الجمع بين الحقين. ولو كان الزوج معسرا فالأكثر على ذلك أيضا ، لأن عجز أحد المتعاوضين لا يسقط الحق الثابت للآخر].
وربما فرق بعضهم بين كون الزوج مؤسرا أو معسرا ، فجوز لها الامتناع في الأول دون الثاني لمنع مطالبته. وفيه نظر ، فان المنع من المطالبة لا يقتضي وجوب التسليم قبل قبض عوضه [الحالّ من وجه آخر ، فإنه مع اليسار إذا طالبته. نعم الزوجة