آثم بالمنع واستحقت هي النفقة وان لم تسلم نفسها إذا بذلت التمكين بشرط المهر ، لأن المنع حينئذ بحق واجب ، ومع الإعسار لا اثم عليه بالتأخر ، وفي استحقاقها النفقة حينئذ إشكال ينشأ من انتفاء التمكن ، إذ هو معلق بأمر يعسر حصوله عادة ، ومن ان المنع بحق فأشبه الموسر ، وأن المعلق عليه لا دخل له في العرف ، إذ يجوز رفعه بالإقراض ونحوه].
ولو كان المهر مؤجلا لم يجز لها الامتناع عن تسليم نفسها ، إذ لا يجب حينئذ شيء ، فيبقى وجوب حقه عليها بغير معارض. ولو أقدمت على المحرم وامتنعت الى أن حل الأجل ، ففي جواز الامتناع وجهان ، أما بعد الدخول ففي جواز امتناعها قبل القبض خلاف بين الأصحاب ، فبعضهم على انه بمثابة ما قبل الدخول فلها الامتناع في كل وقت وان دخل بها إذا لم تقبضه ، نظرا الى ان المقصود بعقد النكاح منافع البضع فيكون المهر في مقابلها ويكون تعلق الوطي الأول به كتعلق غيره.
وذهب آخرون إلى أنه ليس لها الامتناع بعده واستدل لهم العلامة في المختلف بأن التسليم الأول تسليم استقرّ به العوض برضى المسلم فلم يكن لها الامتناع بعد ذلك ، كما لو سلم المبيع قبل قبض الثمن ثم أراد منعه فإنه ليس له ذلك ، ولان البضع حقه والمهر حق عليه ، وليس إذا كان عليه حق ان يمنع حقه.
قلت : في كلا الدليلين بحث ، أما الأول فقياس غير واضح العلة. فإن قيل : النكاح معاوضة ، ومن حكم المتعاوضين انه إذا سلم أحدهما العوض الذي كان من قبله باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه لتسليم العوض الآخر. قلنا : لا نسلم أنه معاوضة ، إذ لم يثبت ذلك بنص ، على انه مخالف لها في كثير من الاحكام فلا يمكن إجراء أحكامها عليه فتأمل. وأما الثاني فلو تم أفاد وجوب التسليم قبل الدخول أيضا ، فكان لا يجوز للمرأة الامتناع بمجرد العقد ، وهو لا يقول به فتأمل.
(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ) أيها الأزواج (عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) أي من الصداق حملا على المعنى أو يجري مجرى اسم الإشارة أي من ذلك ، وقيل الضمير للايتاء (نَفْساً) تمييز لبيان الجنس ولذلك وحدّ ، والمعنى فان وهبن لكم من الصداق عن طيب نفس ، لكن جعل العمدة