ونحن نقول إذا ثبت شرعيتها في وقت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة فإن أحدا لم يخالف في أصل مشروعيتها كان نسخها موقوفا على الدليل الواضح القطعي الذي يقوى على معارضة القرآن ، فان نسخ القرآن بخبر الواحد لا وجه له ، وكون الخبر متواترا عنه صلىاللهعليهوآله مع عدم اطلاع أكثر الصحابة مما يقطع بعدمه.
مع أن رواياتهم في ذلك متناقضة (١) ، فقد روى الجواز أكابر الصحابة كابن عباس وأبيّ وغيرهما على ما مر ورووا المنع عن علي عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنّه نهى عن متعة النساء يوم خيبر و[أكثر الروايات عنهم أنه صلىاللهعليهوآله أباح المتعة في حجة الوداع ويوم الفتح ، وهذان اليومان متأخران عن يوم خيبر].
ورووا عن الربيع بن سبرة (٢) عن أبيه انه قال : شكونا العزبة في حجة الوداع ، فقال : استمتعوا من هذه النساء ، فتزوجت امرأة ثم غدوت على رسول الله وهو قائم بين الركن والباب ، وهو يقول : اني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع ألا وان الله قد حرمهما الى يوم القيامة.
ولا يخفى ما في هذه الروايات وأمثالها ، إذ من المعلوم ضرورة من مذهب علي وأولاده عليهمالسلام حلها وإنكار تحريمها بالغاية ، فالرواية عن علي بخلافة باطلة.
ثم اللازم من الروايتين أن يكون قد نسخت مرتين ، فإن إباحتها في حجة الوداع الاولى ناسخة لتحريمها يوم خيبر ، ولا قائل به.
على أن المنقول من أكثر الصحابة بقاؤها إلى زمن عمر وان المحرم لها هو عمر نفسه كما هو الظاهر من رواياتهم ، وقد اشتهر عن عمر انه قال (٣) متعتان كانتا
__________________
(١) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ٢ من ص ١٤٦ ـ ١٧٣.
(٢) وقد أشبعنا الكلام في روايات الربيع بن سبرة واضطرابها متنا وسندا في تعاليقنا على كنز العرفان فراجع.
(٣) رواه في منتخب كنز العمال بهامش المسند ج ٦ ص ٤٠٤ عن ابى صالح كاتب الليث في نسخته والطحاوي وتراه في البيان والتبيين للجاحظ ج ٢ ص ٢٨٢ ونقله عبد السّلام هارون في تذييله عن كتاب الحيوان ج ٤ ص ٢٧٦ وكتاب العباسية من رسائل الجاحظ ص ـ