قال في الكشاف (١) : إلا في مسألتين : إحداهما أنه لا يجوز للرجل ان يتزوج أخت ابنه من النسب ويجوز ان يتزوج أخت ابنه من الرضاع ، لأن المانع في النسب وطي أمّها وهذا المعنى غير موجود في الرضاع.
والثانية لا يجوز أن يتزوّج أم أخيه من النسب ، ويجوز في الرضاع ، لأن المانع في النسب وطي الأب وهذا المعنى غير موجود في الرضاع.
وأجاب القاضي (٢) بأن هذا الاستثناء ليس بصحيح ، فان حرمتهما في النسب بالمصاهرة دون النسب. وحاصله ان معنى تحريم الرضاع ما يحرم بالنسب ان كل ما يحرم بسبب النسب بأحد الوجوه السبعة المذكورة في الآية فإنه يحرم بالرضاع إذا وجد ذلك السبب بعينه فيه ، مثل الام الرضاعية والأخت كذلك ، ومعلوم انتفاء ذلك في المسألتين المفروضتين ، لأن أخت الابن ان كانت من الرجل فهي بنته وإلا فربيبته ، فتحريهما بالمصاهرة لا بالنسب ، ولم يثبت أن ما يحرم بالمصاهرة يحرم بالرضاع. وكذا أم الأخ ، فإنها اما أمه أو زوجة أبيه ، ومعلوم انتفاؤهما من الرضاع ، فان الأجنبية لو أرضعت أخاك لم يكن بهذه المثابة.
قلت : وهنا صورتان أخريان صالحتان للاستثناء في الظاهر وهما نظيرتا ما سلف : الأولى أم ولد الولد بالنسب ، فإنها حرام لأنها اما بنت أو زوجة ابنه وكلاهما حرام ولا يحرم مثله في الرضاع ، إذ قد لا تكون إحداهما مثل ان ترضع الأجنبية ابن الابن فإنها أم ولد الولد وليست بحرام. الثانية جدة الولد في النسب حرام لأنها اما أم أمك أو أم زوجتك ، ولا تحرم في الرضاع إذ قد لا تكون إحداهما ، كما لو أرضعت أجنبية ولدك فأن أمها جدته وليست بأمك ولا أم زوجتك. وهذا الاستثناء في الظاهر وإلا ففي الحقيقة لا استثناء على ما عرفت ، ويمكن حمل قول الكشاف على أن مراده ذلك ـ فتأمل.
ثم إن ظاهر الآية اقتضى التحريم في الرضاع ، وانما يتحقق الرضاع بأمور :
«الأول» ـ المرضع ، ويجب أن يكون امرأة ، فلبن الرجل لا يثبت تحريما.
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٤٩٤.
(٢) البيضاوي ج ٢ ص ٧٧ ط مصطفى محمد.