حرام عليكم الا إذا ملكتموهن بنكاح جديد بعد وقوع البينونة بينهن وبين أزواجهن ، والمقصود من ذلك الزجر عن الزنا والمنع من وطئهن إلا بنكاح جديد ، وظاهر الآية إلى الأول أقرب].
(كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) منصوب على المصدرية بفعل محذوف ، أي كتب الله تحريم ما حرمه عليكم كتابا وفرضه فرضا فلا تخالفوه وتمسّكوا به. وقرئ «كتب الله» بالجمع والرفع ، أي هذه فرائض الله عليكم.
الثالثة (البقرة ـ ٢٢١) (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) الأكثر على انّ النكاح في أمثال هذه المواضع يراد به العقد قال في الكشاف : ما جاء النّكاح في القرآن إلّا بمعنى العقد وفي مجمع البيان أن أصله الوطي ثم كثر حتّى قيل للعقد نكاح ، أى لا تتزوجوا المشركات وقرئ بضم التّاء أى لا تزوجوهنّ من المسلمين (حَتَّى يُؤْمِنَّ) غاية لتحريم نكاحهن أي يصدقن بالله ورسوله ، ولفظ المشركات متناول لأهل الكتاب أيضا فإنّهم مشركون.
امّا النّصارى فظاهر حيث قالوا بالأقانيم الثّلاثة ، وامّا اليهود والنّصارى فلقوله تعالى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) إلى قوله (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فسمّاهم مشركين وقال في موضع آخر (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) والإشراك كما يتحقّق بإثبات إله آخر مع الله سبحانه متحقق أيضا بإثبات إله غير الله ونفيه ، وقال في موضع آخر (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) الآية ولا خلاف أنّ الكافر بجميع أقسامه غير مغفور بل مخلّد في النّار.
ومقتضى الآية عدم جواز نكاح الكافرة مطلقا ونحوه قوله تعالى (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) وبين الزّوجين عصمة لا محالة فيدخل النكاح تحت النهي قال الشيخ في التبيان (١) عند هذه الآية وفي ذلك دلالة على أنّه لا يجوز العقد على الكافرة سواء كانت ذميّة أو حربية أو عابدة وثن وعلى كلّ حال ، لأنّه عام في جميع ذلك وعلى هذا
__________________
(١) التبيان ج ١ ص ٢٣٤ وما نقله مفاد كلام الشيخ لا عين عبارته.