وهذا يؤيّد قول من يقول : ان قوله (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) يتناول جميع الكافرات ، وهو جيّد ، لأنّ قرينة المقابلة يقتضيه.
(وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ) مصدق بالايمان (خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) والغرض المنع عن مواصلتهم والترغيب في مواصلة المؤمنين كما مرّ.
أولئك» هو بمنزلة التعليل للنهى عن نكاح المشركات والمشركين (يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) أى الكفر والمعاصي المؤدية إليها فلا يليق موالاتهم ولا مناكحتهم ، إذ قد يأخذ أحدهما من دين صاحبه ، بل هو الغالب في الزّوج والزّوجة كما قيل.
(وَاللهُ) اى أولياؤه وهم المؤمنون ، حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه تفخيما لشأنهم (يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ) ، أي سببهما وهو الأيمان والطّاعة الموصلين إليهما ، فهم الأحقّاء بالمواصلة والموادة (بِإِذْنِهِ) بأمره اى بما يأمر ويأذن فيه من الشّرائع والأحكام أو بتوفيقه وتيسيره للعمل الذي يستحقّ به الجنّة والغفران أو بإعلامه.
(وَيُبَيِّنُ آياتِهِ) أى حججه وقيل أوامره ونواهيه وما أباحه وما حرمه (لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) لكي يتذكروا ويتّعظوا ، أو ليكونوا على حال يرجى منهم التّذكر ، لما تقرّر في العقول من الميل الى الخير ومخالفة الهوى كذا قاله القاضي (١) وهو صريح في الحسن والقبح العقلي بالمعنى المتنازع فيه فتأمّل.
وقد يستدلّ بظاهر الآية على جواز نكاح المخالفة من ايّ فرق الإسلام كانت فإنّ الأيمان فيها بمعنى الإسلام على ما يظهر من التفاسير ، نعم يستثنى من ذلك النّاصبية فإنّه لا يجوز للمؤمن أن يتزوج بها عندنا وإن كانت على ظاهر الإسلام لأخبار صحيحة دلّت على ذلك كصحيحة (٢) عبد الله بن سنان عن الصّادق عليهالسلام قال
__________________
(١) البيضاوي ج ١ ص ٢٣٧. ط مصطفى محمد.
(٢) التهذيب ج ٧ ص ٣٠٢ الرقم ١٢٦١ والاستبصار ج ٣ ص ١٨٣ الرقم ٦٦٥ والكافي ج ٢ ص ١١ باب مناكحة النصاب الحديث ٣ وهو في المرآة ج ٣ ص ٤٥٠.
قال في المرآة «هل يزوجه» في بعض النسخ على صيغة الغيبة ، أي هل يزوجه الولي ، ويحتمل أن يكون فاعله الضمير الراجع الى الموصول فيقرء «قد عرف» على البناء للفاعل. ـ