الرابعة (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ) اي النّساء وهي بالهمز بمعنى تؤخّرها وتترك مضاجعتها ، وقرء حمزة والكسائى وحفص ترجى بالياء والمعنى واحد (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) وتضم إليك من تشاء منهنّ وتضاجعها ، وهو إشارة إلى عدم وجوب القسمة عليه بين نسائه كما يجب ذلك علينا فيكون من خواصه صلىاللهعليهوآله حتّى روى أنّه صلىاللهعليهوآله بعد نزول الآية ترك القسمة بجماعة من نسائه وآوى إليه جماعة منهنّ معيّنات ولا ينافيه قسمته صلىاللهعليهوآله بينهنّ حتّى انه كان يطاف به عليهنّ وهو مريض ويقول هذا قسمي فيما أملك وأنت اعلم بما لا أملك ، يعنى قلبه صلىاللهعليهوآله لأن ذلك كان تكرما منه صلىاللهعليهوآله بالنّسبة إليهنّ لا وجوبا عليه وهذا هو المشهور بين أصحابنا.
وقيل انّ القسمة بين نسائه صلىاللهعليهوآله واجبة عليه كما يجب على غيره لعموم الأدلّة وفعله القسمة على الوجه المتقدم والآية المذكورة يحتمل ان يكون المعنىّ بها تترك التزويج بمن شئت من نساء أمتك وتتزوّج من شئت منهنّ.
ويؤيّد هذا المعنى ما في صحيحة الحلبي (١) عن أبى عبد الله عليهالسلام قلت أرأيت قوله (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) فقال من أوى فقد نكح ، ومن أرجى فلم ينكح الحديث.
ويحتمل أن يكون المعنى تطلق من تشاء من النّساء وتمسك من تشاء ، وعلى الأخيرين تكون ناسخة لقوله لا يحلّ لك النّساء من بعد الآية على بعض الوجوه كما أشرنا إليه سابقا وفيه بعد.
واحتمل بعض علمائنا ان يكون المشيئة في الإرجاء والإيواء لنسائه الواهبات على ان يكون وجوب القسمة لمن تزوّجهنّ بالعقد وعدمها لمن وهبت نفسها.
وفيه نظر فان ضمير جمع المؤنث في الآية كيف يرجع الى الواهبات مع انّه لم يسبق لهنّ ذكر على وجه الجمع والنّبي صلىاللهعليهوآله لم يتزوّج بالهبة إلّا امرأة واحدة على ما ذكره المفسرون والمحدثون وهو الظاهر من الآية فكيف يجعل الضمير عائدا
__________________
(١) هذا جزء الحديث المار ذيله عند تفسير لا يحل لك وتصريح المصنف بصحة الحديث تصديق منه بصحة ما في طريقه إبراهيم بن هاشم كما أيدناه في هذا الكتاب مرارا.