(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي لا ينقصون ما يستحقونه من الثواب ولا يزاد عليهم فيما يستحقونه من العقاب.
[فان قيل أليس قوله (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) دالا على ذلك ، فكان تكرارا. قلنا قوله (تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) دال على إيصال العذاب الى الفساق والكفار ، فربما توهم متوهم أنه كيف يليق بكرم أكرم الأكرمين أن يعذب عبيده ، فدفع هذا الوهم بقوله (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). والمعنى أن العبد هو الذي ظلم نفسه لانه مع ذلك مكنه وأزاح عذره وسهل عليه الطريق وأمهله فإذا قصر كان هو الذي أساء إلى نفسه فلا ظلم عليه] فليكن العاقل على حذر من ذلك اليوم وعما قليل تصل اليه.
قال في الكشاف وعن (١) ابن عباس أنها آخر آية نزل بها جبرئيل وقال ضعها في رأس الثمانين والمائتين من البقرة ، وعاش رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدها أحدا وعشرين يوما ، وقيل سبعة أيام ، وقيل ثلاث ساعات. ومثله (٢) قال «القاضي» ، ومرادهما آية (وَاتَّقُوا يَوْماً) إلخ.
وقال في المجمع وهذه السورة آخر سورة كاملة نزلت من القرآن (٣) ، فعاش رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدها ستة أشهر ، ثم لما خرج رسول الله الى حجة الوداع نزلت عليه في الطريق (يَسْتَفْتُونَكَ). (فِي الْكَلالَةِ) إلى آخرها ، فسميت آية الصيف ، ثم نزل عليه وهو واقف بعرفة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فعاش رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدها واحدا وثمانين يوما ، ثم نزلت عليه آيات الربا ، ثم نزلت بعدها (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ) الآية ، وهي آخر آية نزلت من السماء ، فعاش رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدها أحدا وعشرين
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٣٢٣ وانظر أيضا الدر المنثور ج ١ ص ٣٧٠ والطبري ج ٣ ص ١١٥ وفتح القدير ج ١ ص ٢٦٩ وابن كثير ج ١ ص ٣٣٣ والخازن ج ١ ص ٢٠١ والبرهان للزركشى ج ١ من ص ٢٠٦ ـ ٢١١ والإتقان للسيوطي النوع الثامن ص ٢٦ ـ ٢٨.
(٢) البيضاوي ج ١ ص ٢٦٩ ط المصطفوى.
(٣) المجمع ج ١ ص ٣٩٤.