خيرا من الانظار وبقاء المال في الذمة ، وان حصل في كل يوم بل كل ساعة صدقة إذ يجوز خيرية هذه الصدقة بالنسبة الى ما عداها ، للآية وللاخبار.
ومقتضى إطلاق كون التصدق والإبراء خيرا من الانظار أنه كذلك بالنسبة الى كل احد وان كان فاسقا أو غنيا ، فهو بمثابة قولك الإحسان حسن وان لم يكن المحسن اليه من أهله ، كما روي عنه صلىاللهعليهوآله (١) «واصنع المعروف الى كل أحد فان لم يكن أهلا فأنت أهل لذلك».
ثم انه تعالى أكد الترغيب في الطاعات والترهيب عن المعاصي بقوله (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) أي تصيرون اليه ، وهو يوم القيامة [أو يوم الموت ، ومعنى الرجوع عودهم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل الدخول في الدنيا ، أو المراد الرجوع الى ما أعد الله من الثواب والعقاب].
(ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أى تستوفى فيه أجر ما كسبته من الاعمال خيرا أو شرا ، أو ما كسبته من الثواب والعقاب [فان المكلف عند رجوعه الى الله لا بد وان يصل اليه جزاء عمله تماما ، كما قال (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)].
__________________
(١) انظر الوسائل الباب ٣ من أبواب المعروف ص ٥١٤ ج ٢ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٣٩٥ وأخرجه من أهل السنة في الجامع الصغير بالرقم ١٠٩٠ ج ١ ص ٥٣٣ فيض القدير عن الخطيب وفي الاحياء ج ٢ ص ١٧٢ ط عثمان خليفة عند سرد حقوق المسلم وفي ألفاظ الحديث في المصادر يسير تفاوت وفي بعضها اصطنع مكان اصنع.
قال في اللسان (ص ن ع) الاصطناع افتعال من الصنيعة وهي العطية والكرامة والإحسان وقال في فيض القدير نقلا عن الراغب : الفرق بين الصنع والفعل والعمل ان الصنع انما يكون من الإنسان دون الحيوان ولا يقال الا لما كان باجادة والصنع قد يكون بلا فكر لشرف فاعله والفعل قد يكون بلا فكر لنقص فاعله والعمل لا يكون الا بفكر لتوسط فاعله والصنع أخص الثلاثة والعمل أوسطها والفعل أعمها وكل صنع عمل ولا عكس وكل عمل فعل ولا عكس انتهى.