في المختلف واستدل عليه بهذه الآية ، نظرا إلى أن الأصل عدم تعيين حمل البعير الذي وقع به الضمان ، وحينئذ فلا حاجة إلى التزام معلوميته.
[واعلم (١) أن هذه الآية الكريمة قد اشتملت على مسائل :
الأولى ـ مشروعية الجعالة.
والثانية ـ مشروعية الضمان.
والثالثة ـ ان مال الجعالة يصح ضمانه قبل الشروع في العمل وبعده قبل إكماله.
والرابعة ـ أن ضمان المجهول الذي يمكن استعلامه بعد ذلك صحيح.
ولا كلام في المسألتين الأوّلتين بين أهل العلم ، وأما الثالثة فللأصحاب فيها اختلاف : فقال بعضهم بصحة ضمان مال الجعالة نظرا إلى ظاهر الآية ، ولأنه يؤل إلى اللزوم بتمام العمل ، وقد وجد سبب اللزوم وهو العقد فكان بمثابة الثمن في مدة الخيار. ورده آخرون بمنع كون السبب هو العقد وحده بل هو جزء السبب ، ومن ثم لو ترك الباقي من العمل لم يستحق شيئا بالماضي منه ، فكان الإتيان بالباقي شرطا في استحقاق الجميع ، والفرق بينه وبين الثمن في مدة الخيار أن الثمن ثابت في ذمة المشتري مملوك للبائع ، غايته انه متزلزل ، ولو أبقي على حاله آل إلى اللزوم بخلاف مال الجعالة.
وفرق العلامة في التذكرة بين مال الجعالة قبل الشروع في العمل ، وبينه بعده فقطع بعدم جواز الضمان في الأول ، لأنه ضمان ما لم يجب ، واستقرب الجواز لو كان بعده.
والذي نقوله : ان الآية إذا كانت دالة على مشروعية الضمان كان العمل بها في جميع ما تناولته لازما.
فان قيل : هي شرع من قبلنا ، فلا يجب علينا متابعته. قلنا : قد أجاب العلامة عن ذلك ، قال في التذكرة : وأما شرع من قبلنا فقد قيل انه يلزمنا إذا لم يدل دليل
__________________
(١) ما بين العلامتين يوجد في بعض النسخ بدلا مما مر فلا تغفل (المصحح).