الثالثة : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) (براءة ـ ٦١)
(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) الآية ، دلت على الاشتراك لكن على قول من يقول بوجوب البسط على الأصناف.
وفي دلالة الآيات تأمل : أما الأولى فلجواز أن يكون المراد إباحة الأكل منها لا الشركة بالمعنى المصطلح ، الا أن يقال ذلك للاشتراك.
وأما الثانية فلدلالتها على الاشتراك في الميراث ، الا أن يقال ذلك يستلزم ثبوت مهية الشركة ، إذ لا يراد بها سوى اجتماع حقوق الملاك في الشيء الواحد على سبيل الشياع.
وأما الثالثة فلا قائل بوجوب البسط عندنا ، على ما عرفت أن اللام لبيان المصرف ، وبناء ثبوتها على معنى مخالف لإجماعنا لا وجه له. على أن لوازم الشركة منتفية هنا ، إذ للمالك الخيار في نفس المخرج وجواز إخراج الحق من غيره وكون النماء له ونحو ذلك.
والحق أن دلالة الآيتين الأولتين على الشركة بالمعنى المصطلح واضحة ، إذ لا يراد فيها سوى اجتماع حقوق الملاك في الشيء الواحد على سبيل الشياع ، أو استحقاق
__________________
ـ الإجارة مع العوض ومورد الإجارة والعارية واحد وانما يختلفان في التبرع بهذا والمعاوضة على الأخر وكل ما جاز ان يستوفى بالعارية جاز ان يستوفى بالإجارة.
بل هل المستوفي في إجارة الأرض للزرع غير العين وهو المغل الذي يستغله المستأجر وقد نص الكتاب العزيز بجواز استيجار الظئر وسمى ما تأخذه اجرا فجعلوها خلاف القاعدة وليس في القرآن اجارة منصوص عليها في شريعتنا إلا إجارة الظئر.
أنشدكم بالله هل القاعدة إلا ما يستفاد من التنزيل! فان استفيد قاعدة من السنه فلزوم التمسك بها أيضا من جهة أمر القرآن حيث قال عز من قائل (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) فكيف يحكم بما اجازه القرآن وصرح بشرعيته انه على خلاف القاعدة.
واما ما افاده المصنف من ان الإجارة على الحضانة واللبن تابع فالله يعلم والعقلاء قاطبة ان الأمر ليس كذلك وليس المقصود في استيجار الظئر الحضانة ولا ورد عليها عقد الإجارة لا عرفا ولا حقيقة ولا شرعا فلو أرضعت الطفل وهو في حجر غيرها ولم تقصد حضانته استحقت الأجرة كما يشهد بذلك إطلاق الآية الشريفة بل قيل باستحقاقها وان لم يكن لها فعل بان انتفع بلبنها حال نومها وعلى اى فلعله لأجل ما قد مناك أمر المصنف قدسسره بالتأمل.