المعارف مع انه عد من الكفار ، كما لا يلزم من ذلك أيضا كون الانقياد والتسليم القلبي حاصلين في النّفس بالاختيار ، بل الإيمان عبارة عن مرتبة من العلم الملازم لخضوع القلب للنبوة. وقد فصلنا حقيقة العلم والإيمان في بعض مسفوراتنا وأوضحنا فيه : ان الإيمان ليس مطلق العلم الّذي يناله العقل ويعد حظا فريدا له.
وبما ان المقام لا يسع طرح تلك الأبحاث فليرجع من أراد التفصيل إلى محالّه : فظهر انه لا يلزم من عدم كون العلم عين الإيمان ، كون الالتزام ، والانقياد اختياريا متحققا بالإرادة.
هذا كله : في إمكان تعلق الوجوب على الالتزام وعدمه ، ثم انه لو فرضنا إمكان التعلق ، فالظاهر عدم وجوبه ، لعدم الدليل عليه في الفرعيات نقلا ولا عقلا ، وعدم اقتضاء التكليف الا الموافقة العملية ، وحكم الوجدان بعدم استحقاق العبد للعقوبتين ، على فرض مخالفة التكليف عملا والتزاما ، وعدم استحقاقه للعقوبة مع العمل بلا التزام ، واستحقاقه لمثوبة واحدة مع العمل والالتزام.
الرابع : انك قد عرفت ان الموافقة الالتزامية من الأمور القهرية التابعة للعلم بالشيء ، وليس من الأمور الجعلية الاختيارية ، و (عليه) فتتبع الموافقة الالتزامية في الخصوصيات للعلم بالاحكام ، فان تعلق العلم بالحكم تفصيلا ، يتعلق الالتزام تفصيلا وان تعلق به إجمالا ، يصير الالتزام كذلك ، ولو تعلق العلم بما يتردد بين المحذورين ، يكون الالتزام مثله
فلو بنينا على جواز جعل حكم ظاهري في مورد الدوران بين المحذورين ، يكون الالتزام على طبق الحكم الظاهري غير مناف للالتزام بالحكم الواقعي كما لا تنافي بين الحكم الواقعي المجعول على الذات ، والحكم الظاهري المجعول بعنوان المشكوك فيه ، فكما يمكن جعل الحكمين والعلم بهما ، يمكن الالتزام بهما فجريان الأصول لا مانع منه في الأطراف من ناحية لزوم الالتزام بالحكم الواقعي