الاجتماع والامتناع.
وليعذرني إخواني من الإطالة وهو أولى من الإحالة
المحذور الثالث «محذور اجتماع الإرادة الوجوبية والتحريمية»
حاصل الإشكال ان الإرادة القطعية قد تعلقت بالعمل على الأحكام الواقعية والمفروض ان الأمارات قد تؤدى إلى خلاف الواقع ، فإيجاب التعبد بها والترخيص بالعمل بها مع فعلية الإرادة المتعلقة بالاحكام الواقعية مما لا يجتمعان
وهذا الإشكال سيال في الأحكام الظاهرية كلها ، أمارة كانت أو أصلا ، فان إرادة العمل على طبق العمارة والاستصحاب ، أو قاعدة الفراغ ، وأصالة الإباحة وهكذا ، مما لا يجتمع مع الإرادة الحتمية بالنسبة إلى الأحكام الواقعية ، بعد ما علم ان الأصول والأمارات قد تؤديان إلى خلاف الواقع
اما الجواب فنقول : اعلم ان للحكم الشرعي مرتبتين ليس غير «الأولى» مرتبة الإنشاء وجعل الحكم ، على موضوعه كالاحكام الكلية القانونية قبل ملاحظة مخصصاتها ومقيداتها نحو قوله تعالى. أوفوا بالعقود ، أو أحل الله البيع ، وكالاحكام الشرعية التي نزل به الروح الأمين على قلب نبيه ، ولكن لم يأن وقت إجرائها لمصالح اقتضته السياسة الإسلامية ، وترك إجرائها إلى ظهور الدولة الحقة عجل الله تعالى فرجه الثانية مرتبة الفعلية وهي تقابل الأولي من كلتا الجهتين ، فالأحكام الفعلية ، عبارة عن الأحكام الباقية تحت العموم والمطلق بعد ورود التخصيصات والتقييدات حسب الإرادة الجدية ، أو ما ، آن وقت إجرائها ، فالذي قام الإجماع على انه بين العالم والجاهل سواسية ، انما هو الأحكام الإنشائية المجعولة على موضوعاتها سواء قامت عليه الأمارة أم لا ، وقف به المكلف أم لا وهكذا وهي لا يتغير عما هي عليه ، واما الفعلية ، فيختلف فيها الأحوال كما سيوضح
واما توضيح الجواب وحسم الإشكال فهو ما مر منا ، : ان مفاسد إيجاب الاحتياط كلا أو تبعيضا صارت موجبة لرفع اليد في مقام الفعلية عن الأحكام الواقعية في حق من قامت الأمارة أو الأصول على خلافها ، وليس هذا امرا غريبا منه ، بل