بعناوينها وسطا في الإثبات الثاني الغلبة على الخصم وقاطعية العذر وإطلاق الحجة بهذا المعنى على الأمارات أنسب ، ثم ان الحجية بالمعنى الأول تستلزم وجوداً وعدماً جواز الانتساب إلى الشارع وعدمه ، إذ ليس للطريقية والوسطية في الإثبات معنى سوى ذلك ، واما بالمعنى الثاني فلا تلازم بينهما أصلا ، فان الظن على الحكومة حجة بالمعنى الثاني. لكونه قاطعا للعذر ، ومع ذلك لا يصح معه الانتساب إليه.
الثاني ربما وقع الخلط بين عنواني التشريع والقول بغير علم ، فاستدل بما يدل علي حرمة القول بغير علم على حرمة التشريع ، مع ان بينهما فرقاً فان التشريع عبارة عن إدخال ما ليس في الشريعة فيها وان شئت قلت : تغيير القوانين الإلهية ، والأحكام الإلهية بإدخال ما ليس في الدين فيه ، وإخراج ما هو منه عنه ، وهذا ما يسمى بدعة فلا كلام في حرمته ومبغوضيته ، واما تفسير التشريع بالتعبد بما لا يعلم جواز التعبد به من قبل الشارع فان أريد منه التعبد الحقيقي جدا ، فلا شك انه امر غير ممكن خارج عن اختيار المكلف ، إذ كيف يمكن التعبد الحقيقي بما لا يعلم انه عبادي ، فان الالتزامات النفسانيّة ليست واقعة تحت اختيار النّفس حتى توجدها في أي وقت شاء ، وان أريد منه اسناد ما لم يعلم كونه من الشريعة إليها ، فهو امر ممكن لكنه غير التشريع بل عنوان آخر محرم أيضا ، ويدل على حرمته ما ورد من حرمة القول بغير علم ، وما ورد من أدلة حرمة الإفتاء والقضاء بغير علم (على إشكال في دلالة القسم الثاني بلحاظ ان الحكم إنشاء لا اسناد إلى الشرع)
ومما ذكرنا يظهر الخلط فيما أفاده بعض الأعاظم (قدسسره) حيث جعل العنوانين واحدا.
الثالث : الظاهر ان للتشريع واقعا قد يصيبه المكلف وقد لا يصيبه ، فان تغيير القوانين الشرعية كسائر المحرمات ، مبغوض واقعي ، قد يتعلق بها العلم وقد لا يتعلق فهو مبغوض بمناطها الواقعي ، كما ان القول بغير علم واسناد شيء إلى الشارع بلا حجة مبغوض بما له من المناط.