ان نسبة الأدلة الدالة على حجية الخبر الواحد إلى الآيات نسبة الحكومة لا التخصيص ، لكي يقال انها آبية عنه ، فان تلك الأدلة تقتضي إلقاء احتمال الخلاف وجعل الخبر محرزا للواقع لكون حاله حال العلم في عالم التشريع ، هذا في غير السيرة العقلائية القائمة على العمل بالخبر الواحد ، واما السيرة فيمكن ان يقال : ان نسبتها إليها هي الورود بل التخصص ، لأن عمل العقلاء بخبر الثقة ليس من العمل بالظن ، لعدم التفاتهم إلى احتمال المخالفة للواقع فالعمل به خارج بالتخصص عن العمل بالظن ، فلا تصلح الآيات الناهية عن العمل به ، لأن تكون رادعة عنها ، فانه مضافا إلى خروج العمل به عن موضوع الآيات يلزم منه الدور المحال لأن الردع عن السيرة بها يتوقف على ان لا تكون السيرة مخصصة لعمومها ، وعدم التخصص يتوقف على الرادعية. وان منعت عن ذلك فلا أقل من كون السيرة حاكمة على الآيات والمحكوم لا يصلح ان يكون رادعاً للحاكم انتهى
وفيه : ان ما هو آب من التخصيص انما هي الآيات الناهية عن اتباع الظن ، واما قوله سبحانه : ولا تقف ما ليس لك به علم فقد عرفت انه ، عام للأصول والفروع وقابل للتخصيص واما حكومة الأدلة الدالة على حجية الخبر الواحد ، على الآيات فلا أصل لها ، لأن الحكومة تتقوم باللفظ وليس لسان تلك الأدلة من آياتها واخبارها لسان الحكومة كما لا يخفى ، واما قوله عليهالسلام العمري ثقة فما ادى إليك عني ، فعني يؤدى ، وما قال لك عني ، فعني يقول فاسمع له وأطعه فانه الثقة المأمون فلا يصلح لإثبات ما رامه (قدسسره) ، فان مفاده هو وجوب اتباع قوله لوثاقته واما تنزيل ما يقوله منزلة العلم ، حتى يكون حاكماً على ما دل على الزجر عن اتباع غير العلم فلا يستفاد منه
واما السيرة فالقول بان نسبتها ، نسبة الورود أو الحكومة ، فلا يخلو عن ضعف لأن ذلك فرع كون العمل بالخبر الواحد عند العقلاء عملا بالعلم وهو ممنوع جدا لعدم حصول العلم من اخبار الآحاد ، حتى لو فرضنا غفلتهم عن احتمال الخلاف : فلا يصح أيضا ، لأن الورود والتخصص يدور مدار الخروج الواقعي لا على الخروج عند المخاطب فان الورود