يحصل بالعمل يقول المنذر ، لا يخلو عن ضعف بل الظاهر ان المراد من الحذر هو الحذر القلبي بعد إنذار المنذر ، وإيعاده وتلاوته ما ورد في ذلك من الآيات والنصوص والسنن ، وعلى ذلك فبعد ما أنذر المنذر بما عنده من الآيات والروايات وحصل الحذر والخوف القلبيان ، يقوم المنذرون (بالفتح) بما لهم من الوظائف العملية التي تعلموها من قبل أو يلزم تعلمها من بعد فليست الآية ظاهرة في أخذ المنذر (بالفتح) شيئا من الأحكام من المنذر (بالكسر) تعبدا وبالجملة غرض القائل سبحانه من الآية ليس تعلم المنذر شيئا من المنذر ، ولا عمله بقوله ، بل غرضه سبحانه ، ان المنذرين بعد ما أو عدوا قومهم بتذكار الله ، وبيان عظمته ، وما أعد للمتقين من الجنة وللكافرين والفاسقين من النار ، وذكروا ذلك كله على سبيل الموعظة والإنذار ، يحصل له حذر قلبي ، وخوف باطني ، يجبر ذلك الخوف على العمل ـ بالوظائف الشرعية العلمية ، واما ما هو الوظائف ، وانها من أين يلزم تحصيلها والوقوف عليها ، فليس موردا لغرض الآية ، كما ان أوصاف المنذر من عدالته وتعدده ليس مصبا للبيان وعلى ذلك فبين معنى الآية وحجية الخبر الواحد بون بعيد
ومنها وذلك أهم ما في الباب من الإشكال وملخصه ، إنكار إطلاق الآية بالنسبة إلى حصول العلم من قول المنذر وعدمه ، فان الإطلاق فرع كون المتكلم في مقام البيان ، وليس في الآية ما يشعر بكونه سبحانه في مقام بيان تلك الجهة بعامة خصوصياتها ، فان الآية حسب بعض تفاسيرها ، في مقام بيان وجوب أصل النفر ، وقيام عدة به ، ورجوعهم وإنذارهم وتحذرهم ، واما لزوم العمل بقول كل منذر ، سواء كان عادلا أم فاسقا ، واحدا أم متعددا ، حصل منه الظن أو العلم أم لا ، فليس في مقام بيانها حتى يؤخذ بإطلاق الآية ، والعجب انه قدسسره قد صار بصدد دفع الإشكال فقال : بعد ما عرفت من ان المراد من الجمع هو العام الاستغراقي لا يبقى موقع لهذا الإشكال ، إذ أي إطلاق يكون أقوى من إطلاق الآية بالنسبة إلى حالتي حصول العلم من قول المنذر وعدمه (انتهى) وأنت خبير ، ان كون العام استغراقيا ، لا يثبت الإطلاق من ناحية الفرد ، إذ لا منافاة بين كون الحكم شاملا لكل أحد ، وبين حجية قول كل واحد منها في ظروف خاصة و