ويرد حكمها إلى الله ورسوله ، وان كان الأرجح عقلا هو التوقف والاحتياط فيما ليس بين الرشد المجمع عليه ، ولا بين الغى الشاذ النادر ، وإرجاع الأمر فيه إلى الله.
وبما ذكرنا يظهر حال التثليث الواقع في كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث استشهد الإمام به حيث قال ، حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك فمن اجتنب الشبهات نجا عن المحرمات إلخ ، فان الحلال البين والحرام البين ، ما اجتمعت الأمة على حليته وحرمته والمشتبه ليس كذلك ، فهي مما يترجح فيه الاحتياط بالاجتناب ويشهد على ان الاحتياط مما هو راجح في المقام تعليله عليهالسلام بأن الأخذ بالشبهات ، أخذ بالمحرمات بمعنى ان النّفس مهما تعودت على ارتكاب المشتبه ، فلا محالة تحصل فيه جرأة الارتكاب بالمحرمات ، فارتكاب الشبهات ، مظنة الوقوع في المحرمات والهلاك من حيث لا يعلم سره ، وما أحسن وأبلغ قوله عليهالسلام في بعض الروايات حيث شبه مرتكب الشبهات ، بالراعي حول الحمى لا يطمئن عن هجوم القطيعة على نفس الحمى ، وإلّا فالرعاية حول الحمى من دون تجاوز إليه ليس امرا محرما بلا إشكال ، (وبذلك) يظهر ان مفاد قوله عليهالسلام في آخر المقبولة : فأرجه حتى تلقى إمامك ، هو الرجحان والاستحباب لصيرورة الصدر قرينة على الذيل كما هو واضح ، ولو سلم ظهوره في الوجوب يقع التعارض بينه وبين ما دل على التخيير في الخبرين المتعارضين كرواية ابن جهم والحارث بن مغيرة ، والجمع العرفي يقتضى حمل الأمر على الاستحباب تحكيما للنص على الظاهر ، مع ما مر من القرائن المتقدمة وغيرها مما سيوافيك بيانه في التعادل والترجيح.
ولو أغمضنا النّظر عن كل ما ذكر فالامر دائر بين حمل الأمر على الاستحباب أو تخصيص قوله : الوقوف عند الشبهات بالشبهة الموضوعية ولا إشكال ان الأول هو المتعين ، لإباء الكبرى المذكورة عن التخصيص ، كما تقدم بيانه ، واما ما أفاده شيخنا العلامة من ترجيح حمل الأمر على الاستحباب ، معللا بأن التصرف في الهيئة أهون من التصرف في المادة ، فقد مر عدم وجاهته ، فتبين مما ذكرنا عدم دلالة هذه الطائفة