واما ما أورده على الشيخ الأعظم فبما انه لم يحضرني رسالة الشيخ وان أوردها صاحب الأوثق بتمامه في تعليقته فلأجل ذلك نكتفي بما ذكرنا من الملاحظات (١).
التنبيه الثالث
إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته ففي جريان البراءة عقلا وشرعا خلاف وقبل الخوض في المقصود نذكر الصور المتصورة ، فنقول ان الدوران قد يتحقق في واقعة واحدة ، وأخرى في وقائع ، وعلى كل تقدير فقد يمكن المخالفة القطعية وقد لا يمكن ، وعلى جميع الوجوه قد يكونان متساويين من جهة الأهمية ، وقد يحتمل أهمية واحد منهما ، و (ثالثة) يعلم أهمية واحد منهما ، كما إذا تردد الشخص بين كونه نبيّا أو ساب النبي ، ومن المعلوم ان حفظ وجود النبي أهم من قتل سابه
ثم انه لا إشكال في امتناع الموافقة القطعية الا في الجملة واما المخالفة القطعية فلا يتحقق إذا كانت الواقعة واحدة ، (اللهم) إذا كان أحد الحكمين امرا تعبديا كما إذا علمت الحائض بحرمة الصلاة أو وجوبها وجوبا تعبديّا ، فصلّت بلا قصد التقرب ، فانه يتحقق (ح) العلم بالمخالفة القطعية (وامّا إذا تعددت الوقائع) ، وكان الشخص فاعلا في واقعة ، وتاركا في أخرى ، فكما ان عمله يعد مخالفة قطعية ، كذلك يعدّ موافقة قطعية ، هذه هي الوجوه المتصورة ، وإليك تفصيلها في ضمن أمور.
الأول : إذا كان كل من الحكمين متساويين ، ولم يقم دليل على ترجيح واحد منهما ، فهل يجري أصالة التخيير أو البراءة العقلية أو الشرعية أولا ، (اما التخيير العقلي) فلا شك ان العقل يحكم بالتخيير ، لأنه بعد ما أدرك ان العلم الإجمالي غير مؤثر في المقام ، وان الموافقة القطعية غير ممكنة حتى يحكم بالاحتياط ، كما ان المخالفة القطعية غير ممكنة حتى يمنع عنها العلم الإجمالي ، وأدرك أيضا عدم مرجح لواحد منهما حتى يحكم بالاخذ به ، بل يرى الأخذ بأحدهما معينا ترجيحا
__________________
(١) ثم ان سيدنا الأستاذ دام ظله بحث في الدورة السابقة في المقام عن عدة مسائل ، منها مفاد النهي وجريان الأصل فيما إذا تركه مرة (منها) دوران الأمر بين التعيين والتخيير وان الأصل مع أيهما (منها) دوران الأمر بين الواجب العيني أو الكفائي ، وان مقتضى الأصل ما هو ولكنه دام ظله أسقط في هذه الدورة كلها روما للاختصار ، ولما حققه في الجزء الأول حول هذه المسائل الثلاثة