واما الكلام في الإثبات ، اما أدلة البراءة كحديث الرفع والسعة فالظاهر عدم شمولها للمقام لما وافاك من ان المراد من العلم في المقام ليس العلم الوجداني بل المراد هو الحجة والمفروض ان الحجة قائمة على الحرمة ، وقد تقدم انه لا يقال للرجل الّذي قامت الحجة عنده ، على التكليف انه ممن لا يعلم ، وان شئت قلت ان هنا حجة أخرى وراء الأمارة وهو حكم العقل بوجوب الاجتناب ومن هنا يعلم حال الاستصحاب فان المراد من اليقين الواقع في كبريات الاستصحاب هو الحجة ، فمعنى قوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشك إلخ لا تنقض الحجة باللاحجة ، بل انقضه بحجة أخرى والمفروض حصول الغاية وهي حكم العقل بوجوب الاجتناب فلا مجرى له لتحقق الغاية ولو قيل ان الحجة في أطراف العلم قامت على الواقع في البين لا على الأطراف قلنا ان الأمارة قامت على الواقع في البين وهي حجة على كل من الأطراف لو صادفت الواقع ومعه يكون كل من الأطراف من الشبهة المصداقية لأدلة الأصول بل يمكن دعوى انصراف أدلتها لا سيما أدلة الاستصحاب إلى الشك الساذج لا المقرون بالعلم الإجمالي واما موثقة «مسعدة» فقد تقدم انها مشتملة على أمثلة ليست من صغرياتها فعلى ذلك لا يبقى للكبرى المذكورة فيها ظهور في كونها ضابطا فقهيا مطردا في الأبواب ، واما روايات الحل فقد عرفت ان غير صحيحة «عبد الله بن سنان» مخدوش من حيث السند ، بل لا يبعد ورودها في الشبهة الغير المحصورة كما يشهد به بعضها واما الصحيحة فظاهرها حل ما اختلط الحلال بالحرام جميعا ، ولو رفع اليد عنه لكون مفاده غير معمول به فلا يبقى لها مفاد بالنسبة إلى الترخيص في بعض الأطراف ، واما تقريب دلالتها على الترخيص في بعض الأطراف ببيان ان لها عموم افرادي وإطلاق أحوالي بالنسبة إلى حال ترك الآخر وفعله فيقتصر في التقييد على القدر المتيقن فيصير النتيجة هي الترخيص في أحدهما ، فغير صحيح جدا ، لأن هذا التقريب انما يجري (كما سيوافيك بيانه) في قوله عليهالسلام كل شيء حلال حتى تعلم انه حرام بعينه لا في المقام لأن مصاديق العموم الأفرادي في الصحيحة انما هو كل مختلط أي كل فرد فرد من افراد الاجتماع الّذي فيه الحلال والحرام ، واما أطراف المعلوم بالإجمال ،