وحدة له لا وجود له تكوينا واعتبارا ، وانما تحصل الوحدة بذهاب فعلية الاجزاء
وحصول صورة أخرى مجملة غير صورة الاجزاء المنفصلات
والحاصل : ان النّفس بعد ما شاهدت ان الغرض قائم بالهيئة الاعتبارية من الفوج ، وبالصورة المجتمعة من الأذكار والأفعال ، ينتزع عندئذ وحدة اعتبارية وصورة مثلها تبلغ فعلية الاجزاء وأحكامها في عالم الاعتبار ، والفرق بين الاجزاء والصورة المركبة هو الفرق بين الإجمال والتفصيل ، فتلخص ان المركبات الاعتبارية والصناعية وان كانت تفارق الحقيقية إلّا انها من جهة اشتمالها على الصورة الصناعية أو الاعتبارية ، أشبه شيء بالحقيقية من المركبات ، والتفصيل في محله
الثاني : ان صورة المركب الاعتباري انما ينتهى إليها الآمر بعد تصور الاجزاء والشرائط على سبيل الاستقلال فينتزع منها بعد تصورها صورة وحدانية ويأمر بها ، على عكس الإتيان بها في الخارج توضيحه : ان المولى الواقف على أغراضه وآماله يجد من نفسه تحريكا إلى محصلاته فلو كان محصل غرضه امرا بسيطا ، يوجه امره إليه ، واما إذا كان مركبا فهو يتصور اجزائها وشرائطها ومعداتها وموانعها ويرتبها حسب ما يقتضى المصلحة والملاك النّفس الأمريين ثم يلاحظها على نعت الوحدة بحيث تفنى فيها الكثرات ، ثم يجعلها موضوعا للحكم ، ومتعلقا للبعث والإرادة فينتهى الآمر من الكثرة إلى الوحدة غالبا ، واما المأمور الآتي به خارجا فهو ينتهى من الوحدة إلى الكثرة غالبا ، فان الإنسان إذا أراد إتيان المركب في الخارج وتعلقت إرادته بإيجاده يتصوره بنعت الوحدة أولا ويجد في نفسه شوقا إليه ، ولما رأى انه لا يحصل في الخارج إلا بإتيان اجزائها وشرائطها حسب ما قرره المولى ، تجد في نفسه إرادات تبعية متعلقة بها ، فالمأمور ينتهى من الوحدة إلى الكثرة.
الثالث : ان وحدة الأمر تابع لوحدة المتعلق لا غير لأن وحدة الإرادة تابع لوحدة المراد فان تشخصها بتشخصه ، فلا يعقل تعلق إرادة واحدة بالاثنين بنعت الاثنينية والكثرة فما لم يتخذ المتعلق لنفسها وحدة لا يقع في أفق الإرادة الواحدة والبعث الناشر منها حكمه حكمها ، فما لم يلحظ في المبعوث إليه وحدة اعتبارية فانية فبه الكثرات لا يتعلق به