وفيه : ان ما هو المعتبر في العبادات هو ان يكون العبد متحركا بتحريك المولى ويكون الأمر باعثا مع مبادئ آخر كالخوف والرجاء ، ونحوهما نحو المتعلق ولا يكون الداعي في إتيانه أغراض أخر كالرياء ، ونحوه لا بان يكون قصد الأمر والامتثال ونحوهما منظور إليه بل حقيقة الامتثال ليست إلّا الإتيان بداعوية الأمر وبه يحصل التقرب ويصير العبد ممتازا عن غيره وقد عرفت ان المركب عبارة عن اجزاء وشرائط في لحاظ الوحدة ويكون الأمر الداعي إلى المركب داعيا إلى الاجزاء لا بداعوية أخرى فحينئذ نقول لا شبهة في ان الآتي ، بالأقل القائل بالبراءة والآتي بالأكثر القائل بالاشتغال كل واحد منهما متحرك بتحريك الأمر المتعلق بالمركب فقوله تعالى أقم الصلاة محرك للآتي بالأقل والآتي بالأكثر من غير فرق بينهما من هذه الجهة وانما يفترقان في ان القائل بالبراءة لا يرى نفسه مكلفا بإتيان الجزء المشكوك فيه بخلاف القائل بالاشتغال وهذا لا يصير فارقا فيما هما مشتركان فيه وهو الإتيان بالاجزاء المعلومة بداعوية الأمر بالمركب ثم لو فرض الوجوب الغيري للاجزاء فيمكن للآتي بالأقل قصد التقرب لاحتمال كون الأقل واجبا نفسيا وما لا يمكن له هو الجزم بالنية وهو غير معتبر في العبادات جزما ولهذا يصح العمل بالاحتياط وترك طريقي الاجتهاد والتقليد وكما ان الجزم بالنية غير ممكن مع الإتيان بالأقل غير ممكن مع الإتيان بالأكثر لعدم العلم بمتعلق التكليف فقصد القربة ممكن منهما والجزم غير ممكن منهما بلا افتراق بينهما.
بيان أصل الشرعي في المقام
ولا يخفى انه بعد ما اتضح كون الجزء الزائد مشكوكا فيه من رأس لانحلال العلم الإجمالي ، يقع الجزء المشكوك فيه موردا للبراءة الشرعية ويشمله حديثا الرفع والحجب وغيرهما من أدلة الباب ، لأن شأن الحديثين ، هو الرفع التعبدي فمعنى الرفع في المقام هو رفع الجزئية عن الجزء المشكوك فيه ، والبناء ، على عدم كون المشكوك فيه جزءا ، فهو يأتي بالاجزاء المعلومة لأجل الأمر المتعلق بالمركب الّذي عرفت داعويته إلى نفس الاجزاء بدعوة واحدة وينفى لزوم الجزء المشكوك