على البراهين والمقدمات السابقة ، وعدم تحقق الطبيعي في الخارج الا في ضمن الفردين ـ الرقبة المؤمنة والرقبة الكافرة ـ لا يوجب كون المقام من قبيل المتباينين فان الميزان هو ما تعلق البعث به ، ومن المعلوم ان البعث إلى الطبيعة غير البعث إلى الطبيعة المقيدة ، والنسبة بين المتعلقين هو القلة والكثرة ، وان كان المصاديق على غير هذا النحو باعتبار العوارض.
ومما ذكرنا يعلم حال المركبات التحليلية سواء كانت بسائط خارجية كالبياض والسواد المنحلين إلى اللون المفرق لنور البصر أو قابضه أو كالإنسان المنحل عقلا إلى الحيوان الناطق ، فان الجنس والفصل وان لم يكونا من الاجزاء الخارجية للمحدود ، لأنهما من اجزاء الحد ، وان كان مأخذ هما المادة والصورة بوجه يعرفه أهله ، وقريب منهما بعض الأصناف والأشخاص المنحلان في العقل إلى الماهية والعوارض المصنفة ، وإلى الماهية والعوارض المشخصة فإذا دار امر صبغ ثوب المولى بمطلق اللون ، أو بلون قابض لنور البصر فما قام عليه الحجة يؤخذ به ويترك المشكوك فيه اعتمادا على البراءة
والحاصل ان البراءة تجري في الجميع على وزان واحد من غير فرق بينما له منشأ انتزاع مغاير وما ليس له كذلك ، لأن الموضوع ينحل عند العقل إلى معلوم ومشكوك فيه ، فالصلاة المشروطة بالطهارة عين ذات الصلاة في الخارج ، كما ان الرقبة المؤمنة عين مطلقها فيه ، والإنسان عين الحيوان ، وهكذا ، وانما الافتراق في التحليل العقلي ، وهو في الجميع سواء ، فكما تنحل الصلاة المشروطة بالصلاة والاشتراط كذا ينحل الإنسان إلى الحيوان والناطق ، ففي جريان البراءة وقيام الحجة على المتيقن دون المشكوك سواء في الجميع ثم ان بعض أهل العصر رحمهالله نفى الرجوع إلى البراءة عند الترديد بين الجنس والنوع ، قائلا بأنهما عند التحليل العقلي وان كان يرجع إلى الأقل والأكثر ، إلّا انهما في نظر العرف من الترديد بين المتباينين ، فلو دار الأمر بين إطعام الإنسان ، أو الحيوان فاللازم هو الاحتياط بإطعام الإنسان ، لأن نسبة الرفع إلى كل منهما على حد سواء فيسقطان بالمعارضة