إذا عرفت ذلك فاعلم ان الحق هو التفصيل (بينما) إذا دل دليل منفصل على ان الحكم غير عام لجميع افراد المرجع بحيث لو لا هذا الدليل المنفصل لكنا حاكمين على التطابق بين العام ومفاد الضمير بحسب الجد ، كما في الآية فان السنة دلت على ان حق الرجوع ليس إلّا للرجعيات دون غيرها و (بينما) إذا علم ذلك بقرينة عقلية أو لفظية حافة بالكلام مثل قوله أهن الفساق واقتلهم ، حيث علم المتكلم بضرورة الشرع ان مطلق الفساق لا يجوز قتلهم فكيف وجوبه ، فالحكم مخصوص بالمرتد أو الحربي فهي قرينة متصلة أو تشبهها ، (هذا) ويحتمل ان يكون النزاع مخصوصا بالأول ، كما يشعر به التمثيل ، وظاهر كلام المحقق الخراسانيّ في ذيله يشهد على التعميم.
وخلاصة التفصيل بينهما هو انه يوجب الإجمال في الثاني دون الأول وتوضيحه ان الأمر في الأول دائر بين تخصيص واحد وأزيد ولا ريب ان الثاني هو المتعين ، إذ الدليل المنفصل دل على ان الحكم في ناحية الضمير مختص ببعض افراد المرجع بحسب الجد ، وهو لا يوجب تخصيص المرجع واختصاص حكمه ببعض افراده جداً
وبالجملة : كل من الضمير في قوله تعالى : وبعولتهن أحق بردهن وكذلك المرجع قد استعملا في معانيهما ، بمعنى انه أطلق المطلقات وأريد منها جميعها ، وأطلق لفظة «بردهن» وأريد منها تمام افراد المرجع ، ثم دل الدليل على ان الإرادة الاستعمالية في ناحية الضمير لا توافق الإرادة الجدية ، فخصص بالبائنات وبقيت الرجعيات بحسب الجد ، و (ح) لا معنى لرفع اليد عن ظهور المرجع لكون المخصص لا يزاحم سوى الضمير دون مرجعه ، فرفع اليد عنه رفع عن الحجة بلا حجة ، وبما ذكرنا يظهر ضعف ما يظهر في بعض الكلمات من ان الأمر دائر بين تخصيص المرجع والاستخدام في الضمير ، لأن ذلك يخالف ما عليه المحققون من المتأخرين من ان التخصيص لا يوجب مجازية المخصص (بالفتح) فالضمير لم يستعمل الا في الإشارة إلى تمام افراد المرجع ، والتخصيص وارد على الإرادة الجدية وانه لا يوجب التصرف في ظهور العام ، (أضف) إلى ذلك ان حديث الاستخدام والمجازية في الإسناد أو اللفظ ، لو صح في العمومات ، فهو غير صحيح في المقام لأن الضمائر كما تقدم وضعت لنفس الإشارة الخارجية