الملاك ، يصير العقاب واحداً ، غير مفيد : لما عرفت من ان العقل إذا جرّد النّظر عن تمام القيود والملاكات ، ، ونظر إلى نفس ذاك العنوان أعني مخالفة المولى عن اختيار ، لحكم بالقبح وصحة العقوبة ، فلو كان هذا عنوانا مستقلا وذاك أعني أحد هذه العناوين المشتركة بين المقامين ، عنوانا مستقلا آخر لزم القول باستحقاق عقابين ، مع ان العقل والعقلاء يحكمان على خلافه ، فان العاصي لا يستحق إلّا عقابا واحداً لأنه لم يرتكب الا قبيحا واحدا وهو ارتكاب المنهي عنه مع العمد والاختيار
واما العزم على العصيان والجرأة على المولى فهما وأشباههما من الأفعال الجنانية التي لا تستلزم الا الذم واللوم ، ولو فرضنا قبح التجري ، فقد عرفت في صدر البحث ، ان مجرد كونه امراً قبيحا لا يستلزم الاستحقاق للعقوبة واما حديث التداخل ، فهو لا يرجع إلى محصل.
الجهة الثالثة الظاهر ان الفعل المتجري به لا يخرج عما هو عليه ، ولا يصير فعلا قبيحا ولو قلنا بقبح التجري ، فان توهم قبحه لو كان بحسب عنوانه الواقعي فواضح ـ الفساد فان الفعل الخارجي أعني شرب الماء ليس بقبيح ، وان كان لأجل انطباق عنوان قبيح عليه ، فليس هنا عنوان ينطبق عليه حتى يصير لأجل ذلك الانطباق متصفا بالقبح فان ما يتصور هنا من العناوين فانما هي التجري والطغيان والعزم وأمثالها ، ولكن التجري وأخويه من العناوين القائمة بالفاعل والمتصف بالجرأة انما هو النّفس والعمل يكشف عن كون الفاعل جريئاً ، وليس ارتكاب مقطوع الخمرية نفس الجرأة على المولى بل هو كاشف عن وجود المبدأ في النّفس وقس عليه الطغيان والعزم فانهما من صفات الفاعل لا الفعل الخارجي.
واما الهتك والظلم ، فهما وان كانا ، ينطبقان على الخارج ، إلّا أنّك قد عرفت عدم الملازمة بينهما وبين التجري ، فتحصل ان الفعل المتجري به باق على عنوانه الواقعي ، ولا يعرض له عنوان قبيح.
نعم لو قلنا بسراية القبح إلى العمل الخارجي ، الكاشف عن وجود هذه المبادي في النّفس فلا بأس بالقول باجتماع الحكمين لأجل اختلاف العناوين ، ولا يصير المقام