يفعل قط ما لا يحمد عليه ويثنى به عليه ، ويكون له فيه العواقب الحميدة والغايات المطلوبة. فإن كونه على صراط مستقيم : يأبى ذلك كله.
قال محمد بن جرير الطبري : وقوله : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يقول : إن ربي على طريق الحق ، يجازي المحسن من خلقه بإحسانه ، والمسيء بإساءته. لا يظلم أحدا منهم شيئا ، ولا يقبل منهم إلا الإسلام والإيمان به.
ثم حكى عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح عنه (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : الحق. وكذلك رواه ابن جريج عنه.
وقالت فرقة : هي مثل قوله : ٨٩ : ١٤ (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ).
وهذا اختلاف عبارة. فإن كونه بالمرصاد : هو مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
وقالت فرقة : في الكلام حذف ، تقديره : إن ربي يحثكم على صراط مستقيم ويحضكم عليه.
وهؤلاء ، إن أرادوا أن هذا معنى الآية التي أريد بها. فليس هو كما زعموا. ولا دليل على هذا المقدر. وقد فرق سبحانه بين كونه آمرا بالعدل ، وبين كونه على صراط مستقيم.
وإن أرادوا : أن حثّه على الصراط المستقيم من جملة كونه على صراط مستقيم ، فقد أصابوا.
وقالت فرقة أخرى : معنى كونه على صراط مستقيم : أن مرد العباد والأمور كلها إلى الله ، لا يفوته شيء منها.
وهؤلاء : إن أرادوا أن هذا معنى الآية فليس كذلك. وإن أرادوا : أن هذا من لوازم كونه على صراط مستقيم ، ومن مقتضاه وموجبه : فهو حق.