وقالت فرقة أخرى : معناه كل شيء تحت قدرته وقهره ، وفي ملكه وقبضته.
وهذا ـ وإن كان حقا ـ فليس هو معنى الآية. وقد فرق هود عليهالسلام بين قوله : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) وبين قوله : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فهما معنيان مستقلان.
فالقول قول مجاهد. وهو قول أئمة التفسير. ولا تحتمل العربية غيره إلا على استكراه.
قال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز :
أمير المؤمنين على صراط |
|
إذا اعوجّ الموارد مستقيم |
وقد قال تعالى : ٦ : ٣٩ ، ١٠٠ (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ. وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وإذا كان الله سبحانه هو الذي جعل رسله وأتباعهم على صراط مستقيم في أقوالهم وأفعالهم ، فهو وسبحانه أحق بأن يكون على صراط مستقيم في قوله وفعله. وإن كان صراط الرسل وأتباعهم هو موافقة أمره ، فصراطه الذي هو سبحانه عليه : هو ما يقتضيه حمده وكماله ومجده ، من قول الحق وفعله. وبالله التوفيق.
وقال في مفتاح دار السعادة :
فالمثل الأول للصنم وعابديه. والمثل الثاني : ضربه الله تعالى لنفسه ، وأنه يأمر بالعدل ، وهو على صراط مستقيم.
فكيف تسوّى بينه وبين الصنم الذي له مثل السوء؟ فما فعله الرب تبارك وتعالى مع عباده : هو غاية الحكمة والإحسان والعدل ، في إقدارهم وإعطائهم ومنعهم ، وأمرهم ونهيهم.