بالرفع أكمل. فإنه يدل على الجملة الاسمية الدالة على الثبوت والتجدد ، والمنصوب يدل على الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد. فإبراهيم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم. فإن قولهم «سلاما» يدل على : سلمنا سلاما وقوله : «سلام» أي سلام عليكم.
الرابع : أنه حذف المبتدأ من قوله : «قوم منكرون» فإنه لما أنكرهم ولم يعرفهم احتشم من مواجهتهم بلفظ ينفر الضيف لو قال : أنتم مكرمون ، فحذف المبتدأ هنا من ألطف الكلام.
الخامس : أنه بنى الفعل للمفعول ، وحذف فاعله ، فقال : «منكرون» ولم يقل : إني أكرمكم. وهو أحسن في هذا المقام ، وأبعد من التنفير والمواجهة بالخشونة.
السادس : أنه راغ إلى أهله ليحييهم بنزلهم. والروغان ؛ هو الذهاب في اختفاء بحيث يكاد لا يشعر به. وهذا من كرم رب المنزل المضيّف : أن يذهب في اختفاء بحيث لا يشعر به الضيف ، فيشق عليه ويستحي. فلا يشعر به إلا وقد جاءه بالطعام ، بخلاف من يسمع ضيفه وهو يقول له ، أو لمن حضر : مكانكم حتى آتيكم بالطعام ، ونحو ذلك مما يوجب حياء الضيف واحتشامه.
السابع : أنه ذهب إلى أهله ، فجاء بالضيافة. فدل على أن ذلك كان معدا عندهم مهيئا للضيفان. ولم يحتج أن يذهب إلى غيرهم من جيرانه ، أو غيرهم فيشتريه ، أو يستقرضه.
الثامن : قوله : (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) يدل على خدمته للضيف بنفسه ، ولم يقل : فأمر لهم ، بل هو الذي ذهب وجاء به بنفسه ، ولم يبعثه مع خادمه. وهذا أبلغ في إكرام الضيف.
التاسع : أنه جاء بعجل كامل ، ولم يأت ببضعة منه. وهذا من تمام كرمه صلىاللهعليهوسلم.