لأنه يستر داخله بالأشجار ويغطيه. ولا يستحق هذا الاسم إلا الموضع الكثير الأشجار المختلفة الأنواع.
والجنة ـ بالضم ـ ما يستجن به ، من ترس أو غيره. ومنه قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) يستترون بها من إنكار المؤمنين عليهم. ومنه الجنة ـ بالكسر ـ وهم الجن ، كما قال تعالى : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).
وذهبت طائفة من المفسرين إلى أن الملائكة يسمون جنة. واحتجوا بقوله تعالى : ٣٧ : ١٥٨ (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) قالوا : وهذا النسب قولهم : الملائكة بنات الله. ورجحوا هذا القول بوجهين.
أحدهما : أن النسب الذي جعلوه إنما زعموا أنه بين الملائكة وبينه لا بين الجن وبينه.
الثاني : قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) أي قد علمت الملائكة أن الذين قالوا هذا القول محضرون للعذاب.
والصحيح : خلاف ما ذهب إليه هؤلاء ، وأن الجنة هم الجن أنفسهم ، كما قال تعالى : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) وعلى هذا ففي الآية قولان.
أحدهما : قول مجاهد : قال : قالت كفار قريش : الملائكة بنات الله. فقال لهم أبو بكر : فمن أمهاتهم؟ قالوا : سروات الجن. وقال الكلبي : قالوا تزوج من الجن ، فخرج من بينهما الملائكة. وقال قتادة ، قالوا : صاهر الجن. والقول الثاني : هو قول الحسن. قال : أشركوا الشياطين في عبادة الله. فهو النسب الذي جعلوه.
والصحيح قول مجاهد وغيره.
وما احتج به أصحاب القول الأول ليس بمستلزم لصحة قولهم. فإنهم لما قالوا : الملائكة بنات الله ، وهم من الجن ، عقدوا بينه وبين الجنة نسبا