وأيضا فإن المفعول لأجله يجب أن يكون علة الفاعل المذكور معه فيتحد السبب والغاية. نحو : قمت إكراما. فالقائم هو المكرم ، وفعل الفاعل المعلل هاهنا : هو الكتابة ، وابتغاء رضوان الله : فعلهم لا فعل الله. فلا يصلح أن يكون علة لفعل لاختلاف الفاعل.
وقيل : هو بدل من مفعول «كتبناها» أي ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله. وهو فاسد أيضا ، إذ ليس رضوان الله عين الرهبانية. فيكون بدل الشيء من الشيء ، ولا بعضها. فيكون بدل بعض من كل ، ولا أحدهما مشتمل على الآخر ، فيكون بدل اشتمال. وليس ببدل غلط.
فالصواب : أنه منصوب نصب الاستثناء المنقطع ، أي : لم يفعلوها ولم يبتدعوها إلا لطلب رضوان الله.
ودل على هذا قوله «ابتدعوها» ثم ذكر الحامل لهم والباعث على ابتداع هذه الرهبانية ، وأنه طلب رضوان الله ، ثم ذمهم بترك رعايتها. إذ من التزم لله شيئا لم يلزمه الله إياه من أنواع القرب ، لزمه رعايته وإقامته ، حتى ألزم كثير من الفقهاء من شرع في طاعة مستحبة بإتمامها ، وجعلوا التزامها بالشروع ، كالتزامها بالنذر ، كما قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وهو إجماع ، أو كالإجماع في أحد النسكين.
قالوا : والالتزام بالشروع أقوى من الالتزام بالقول. فكما يجب عليه رعاية ما التزمه بالنذر وفاء ، يجب عليه رعاية ما التزمه بالفعل إتماما. وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة.
والقصد : أن الله سبحانه وتعالى ذم من لم يرع قربة ابتدعها لله تعالى حق رعايتها. فكيف بمن لم يرع قربة شرعها الله لعباده ، وأذن بها ، وحث عليها؟.
قول الله تعالى ذكره :