فصل
وأما المثلان اللذان للمؤمنين : فأحدهما : امرأة فرعون.
ووجه المثل : أن اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئا ، إذا فارقه في كفره وعمله. فمعصية الغير لا تضر المؤمن المطيع شيئا في الآخرة وإن تضرر بها في الدنيا بسبب العقوبة التي تحل بأهل الأرض ، إذا أضاعوا أمر الله ، فتأتي عامة. فلم يضر امرأة فرعون اتصالها به. وهو من أكفر الكافرين ، ولم ينفع امرأة نوح ولوط اتصالهما بهما وهما رسولا رب العالمين.
المثل الثاني للمؤمنين : مريم التي لا زوج لها ، لا مؤمن ولا كافر.
فذكر ثلاثة أصناف النساء : المرأة الكافرة التي لها وصلة بالرجل الصالح. والمرأة الصالحة التي لها وصلة بالرجل الكافر. والمرأة العزب التي لا وصلة بينها وبين أحد.
فالأولى : لا تنفعها وصلتها وسببها.
والثانية : لا تضرها وصلتها وسببها.
والثالثة : لا يضرها عدم الوصلة شيئا.
ثم في هذه الأمثال من الأسرار البديعة ما يناسب سياق السورة. فإنها سيقت في ذكر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم وتحذيرهن من التظاهر عليه ، وأنهن إن لم يطعن الله ورسوله ، ويردن الدار الآخرة : لم ينفعهن اتصالهن برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما لم ينفع امرأة نوح وامرأة لوط اتصالهما بهما.
قال يحيى بن سلام : ضرب الله المثل الأول يحذر عائشة وحفصة ، ثم ضرب لهما المثل الثاني يحرضهما على التمسك بالطاعة
وفي ضرب المثل للمؤمنين مريم أيضا : اعتبار آخر ، وهو أنها لم يضرها عند الله شيئا قذف أعداء الله اليهود لها ، ونسبتهم إياها وابنها الى ما