ولعنه ، وعاداه من أجل إبائه عن السجود لأبينا ، ثم أنتم توالونه من دوني. وقد لعنته وطردته ، إذ لم يسجد لأبيكم ، وجعلته عدوا لكم ولأبيكم ، فواليتموه وتركتموني. أفليس هذا من أعظم الغبن ، وأشد الحسرة عليكم؟ ويوم القيامة يقول تعالى «أليس عدلا مني أن أولّي كل رجل منكم ما كان يتولى في دار الدنيا؟».
فليعلمن أولياء الشيطان : كيف حالهم يوم القيامة : إذا ذهبوا مع أوليائهم ، وبقي أولياء الرحمن لم يذهبوا مع أحد فيتجلى لهم ويقول «ألا تذهبون حيث ذهب الناس؟ فيقولون : فارقنا الناس أحوج ما كنا إليهم ، وإنما ننتظر ربنا الذي كنا نتولاه ونعبده. فيقول : هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها؟ فيقولون : نعم ، إنه لا مثل له. فيتجلى لهم ويكشف عن ساق ، فيخرون له سجدا».
فيا قرة عيون أوليائه بتلك الموالاة ، ويا فرحهم إذا ذهب الناس مع أوليائهم ، وبقوا مع مولاهم الحق. فسيعلم المشركون به الصادون عن سبيله أنهم ما كانوا أولياءه ٨ : ٣٤ (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
ولا تستطل هذا البسط فما أحوج القلوب إلى معرفته وتعقله ، ونزولها منه منازلها في الدنيا لتنزل في جوار ربها في الآخرة ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا.
فصل
إذا عرفت هذا عرفت معنى قوله صلىاللهعليهوسلم في الحديث الصحيح «لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك» وأن معناه أجل وأعظم من قول من قال : والشر لا يتقرب به إليك ، وقول من قال : والشر لا يصعد إليك ، وأن هذا الذي قالوه ـ وإن تضمن تنزيهه عن صعود الشر إليه والتقرب